لماذا لا يزال بناء جسر بين المغرب وإسبانيا مستحيلا رغم قصر المسافة بينهما؟

آخر الأخبار - 12-11-2025

لماذا لا يزال بناء جسر بين المغرب وإسبانيا مستحيلا رغم قصر المسافة بينهما؟

اقتصادكم

 

على الرغم من قرب المسافة بين المغرب وإسبانيا، التي لا تتجاوز أربعة عشر كيلومتراً، يظل حلم ربط القارتين عبر جسر بري غير محقق، بسبب تحديات هندسية وجيولوجية ومناخية تجعل المشروع صعب التنفيذ في الوقت الراهن.

وذكرت صحيفة “لا راثون” الإسبانية أن النقطة الأقرب بين البلدين تبلغ 14.4 كيلومتراً فقط، بين مدينة طريفة الإسبانية ورأس سبارطيل قرب طنجة المغربية، وهي مسافة تبدو مناسبة لبناء جسر، لكنها في الواقع لا تكفي لمواجهة التحديات التقنية.

وتابعت الصحيفة أن حكومتي المغرب وإسبانيا توصلا سابقاً إلى اتفاقيات لإنجاز المشروع، إلا أن عدة عوامل اقتصادية وجغرافية وجيوسياسية حالت دون تنفيذه، ليبقى مجرد فكرة على الورق رغم مرور عقود على طرحها لأول مرة.

وواصلت أن المضيق يتميز بظروف جيولوجية وهيدرولوجية معقدة، إذ تصل أعماقه إلى نحو 900 متر، وتتعرض تياراته البحرية لالتقاء مياه البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي، ما يجعل أي بناء فيه عرضة لعدم الاستقرار ويستحيل تحقيقه بالتقنيات الحالية.

كما أبرزت أن النشاط الزلزالي في المنطقة يزيد الوضع تعقيداً، إذ تلتقي الصفائح التكتونية الإفريقية والأوراسية، ما يجعل المنطقة معرضة لهزات أرضية قوية، بعضها يُحس في شمال إفريقيا وجنوب شبه الجزيرة الإيبيرية، كما حدث في زلزال الحوز بالمغرب سنة 2023 وزلزال لوركا سنة 2012.

وأوضحت أن العوامل المناخية تضيف تحديات إضافية، إذ تشهد المنطقة رياحاً قوية، وحركة بحرية كثيفة، ما يستلزم أعمدة مرتفعة وشديدة الصلابة، قادرة على مقاومة اصطدام السفن، إلى جانب متطلبات صيانة صعبة للغاية، وهو ما يزيد من الكلفة الاقتصادية للمشروع إلى مستويات فلكية.

وزادت الصحيفة الإسبانية موضحة أن هذه العقبات مجتمعة تجعل بناء جسر يربط المغرب بإسبانيا أمراً غير ممكن في الظروف الحالية، ما دفع السلطات إلى البحث عن حلول بديلة لتحقيق حلم ربط القارتين عبر ممر دائم ومستدام.

واسترسل التقرير الإسباني في الإشارة إلى أن المشروع البديل المقترح هو نفق للسكك الحديدية فقط، يمتد على مسافة ستين كيلومتراً، منها 28 كيلومتراً تحت البحر، وهو أطول من نفق المانش الذي يربط فرنسا بالمملكة المتحدة بطول خمسين كيلومتراً.

وذكر أن المشروع طُرح منذ أكثر من ثلاثة عقود، لكنه ظل متوقفاً لأربعة عشر عاماً قبل أن يُعاد إحياؤه في أبريل 2023، في إطار السعي لإحداث محور دائم يربط أوروبا بإفريقيا، ويسهم في تقليص زمن وتكلفة نقل البضائع، وتعزيز الحركة السياحية بين الجانبين.

وبيّن أن الكلفة التقديرية للنفق تتراوح بين 15 و30 مليار يورو، لكنه ما يزال يواجه تحديات كبيرة تشمل النشاط الزلزالي، التيارات البحرية القوية، وتطوير شبكة السكك الحديدية المغربية.

ولفت إلى أن تشغيل النفق لا يُتوقع قبل عام 2040 على الأقل، لكنه من المتوقع أن يفتح آفاقاً جديدة للتجارة والسياحة، ويعزز الترابط القاري بين أوروبا وشمال إفريقيا، مع إحداث محور اقتصادي واستراتيجي جديد بين القارتين.

وأضاف أن هذا المشروع يشكل حلا واقعيا ومؤقتاً لتجاوز الصعوبات الهندسية والمناخية والجيولوجية التي تحول دون بناء جسر بري مباشر، مع الحفاظ على الرؤية الطموحة لربط إفريقيا بأوروبا عبر ممر مستدام وآمن.