اقتصادكم
تؤكد الزيادة الأخيرة في أسعار "الكازوال" والبنزين، والتي بدأ سريانها منذ أمس الاثنين، الاتجاه التصاعدي الذي بدأ هذا الصيف. ورغم التدابير التي اتخذتها الحكومة، ما يزال المغاربة يشتكون من تأثير ارتفاع الأسعار في محطات الوقود على قدرتهم الشرائية.
ارتفعت أسعار المحروقات مرة أخرى بعد جمود قصير لم يتعدى الشهر، ما أثار قلق سائقي السيارات. ومنذ الأمس ارتفع سعر لتر "الكازول" إلى أكثر من 14 درهما. أما البنزين، فرغم بقائه مستقرا، فظل سعره عند حوالي 15.50 درهم. وتمثل هذه الزيادة الأخيرة الزيادة الخامسة في غضون شهر واحد، ما أدى بطبيعة الحال إلى تفاقم مخاوف السائقين وخشيتهم من تصاعد أكبر في الأسعار مستقبلا.
معرفة أسباب ارتفاع أسعار المحروقات، يقتضي العودة إلى السوق الدولية، طالما كان الحديث حول مواد محررة الأسعار، إذ سيطرت الظواهر الصعودية على سوق النفط، وبالتالي أثرت هذه الزيادة العالمية على المغرب. نتيجة لمجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والطاقية.
ويعتبر الطلب العالمي أحد المحركات الرئيسية لهذه الزيادة في أسعار النفط. ويضاف إلى هذه الظاهرة انخفاض الإنتاج في دول "أوبك+"، خصوصا بعدما أعلنت المملكة السعودية في يونيو الماضي أنها ستخفض إنتاجها بمقدار مليون برميل يوميا. الأمر نفسه بالنسبة لروسيا، وبالتالي فالمغرب في وضع حيث الطلب قوي والإنتاج يتراجع، وهذا ما عزز الضغط التصاعدي على أسعار "الكازوال" والبنزين في المحطات.
وبالإضافة إلى العوامل المذكورة سابقاً، تلعب عناصر أخرى دوراً كبيراً في ارتفاع أسعار المحروقات، يتعلق الامر أساسا بهوامش التكرير، أي الأرباح التي تحققها المصافي خلال تحويل النفط الخام إلى منتجات بترولية، والتي شهدت أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا. وبالإضافة إلى ذلك، حافظت شركات النفط على سياسات تسعير مرتفعة، بهامش ربح يزيد عن 2 دراهم، بدلاً من 60 سنتاً في السابق.
هناك عامل مهم آخر يجب أخذه في الاعتبار وهو رفض مراجعة الضرائب المفروضة على المحروقات، وهو مطلب كانت تقدمت بها الجبهة النقابية للدفاع عن مصفاة التكرير "سامير"، موضوع مسطرة تسوية وتصفية قضائية بالمحكمة التجارية في الدار البيضاء. وقد أدت هذه السياسة الضريبية غير المتغيرة إلى تفاقم الضغوط المالية على المستهلكين، الذين يشعرون بشكل متزايد بتأثير هذه الأسعار المرتفعة في المحطات على قدرتهم الشرائية.
كل هذه العناصر مجتمعة ساهمت في صنع وضع معقد في سوق المحروقات، سواء في المغرب أو في العالم، وبالتالي فالسائقون تنتظرهم سيناريوهات سوداء خلال الفترة المقبلة، في حال استمرار الظروف الحالية للسوق.