"البولفار".. هي فوضى

التحليل والرأي - 04-10-2022

"البولفار".. هي فوضى

اقتصادكم

اختتم مهرجان "البولفار" الشهير للموسيقى الشبابية بالدار البيضاء نسخته العشرون على وقع الفوضى، بعدما تسربت فيديوهات ومحادثات صادمة، أماطت اللثام عن الوجه الآخر لهذا الحدث، الذي يفترض فيه تشجيع التربية الفنية والثقافية. يتعلق الأمر بشبهات أعمال شغب وتحرش، وتناول للخمور والمخدرات، وسط الحفلات المقامة ضمن برنامج هذا المهرجان، تناقلتها تدوينات رواد مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة على نطاق واسع.

هذه الوقائع موضوع تحقيق وأبحاث بين السلطات المختصة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي وجمعية “التربية الفنية والثقافية البولفار"، الجهة المشرفة على الحدث، لا يمكن تجاوزها ببلاغ مقتضب صادر عن الجمعية، في انتظار فتح بحث قضائي، بالنظر إلى مجموعة من الأسباب الجوهرية، فعمر المهرجان تجاوز 20 سنة، رغم توقفه لنسختين بسبب تداعيات جائحة كورونا، وأن شركة للتنمية المحلية تدعى "الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات" تدعمه منذ 2017، إلى جانب قائمة طويلة من الرعاة "الأسخياء"، بينهم مؤسسات ومقاولات عمومية وشركات كبرى، بميزانيات إعلان ضخمة.

كيف لمهرجان بهذه "العراقة" والسخاء في الرعاية أن يسقط في الفوضى؟. سؤال لا يمكن الإجابة عنه، في ظل غياب أي معطيات أو بيانات أو تقارير حصيلة مرحلية لهذا الحدث، تكشف بكل شفافية حجم التمويلات التي ضخت في ميزانيته، ومدى بلوغه الأهداف التي سطرها، أم لعل "المال العام" وميزانيات الإشهار والإعلان الضخمة، التي تقفز على تظاهرات وندوات ومؤتمرات أكثر نفعا للعباد والبلاد، ليس عليها رقيب أو حسيب.

في ظل عدم فتح بحث قضائي، تظل مقاطع الفيديو المنتشرة، التي لم يشكك أحد حتى الآن في صحتها، بشكل رسمي، الدليل الآني حول ما وصل إليه المهرجان، المستفيد من مبالغ دعم مالية خيالية على مدى سنوات، إذ لم يفلح في تجنب السقوط في فضوى العنف والمخدرات، بعدما زاغت الجهة المشرفة على تنظيمها -جمعية مدنية -عن دورها الرئيسي المتمثل في تأطير الشباب وتحسيسهم بقيم المواطنة، وتلقينهم مبادئ التضامن، والرقي بأدواتهم الفنية والثقافية.

في انتظار فتح بحث قضائي رسمي، تتحمل الجهة المنظمة لمهرجان "البولفار"، بصفتها التنظيمية، ومعها الرعاة العموميين والخواص، المسؤولية الأخلاقية عما وقع في حفلات النسخة العشرون، في الوقت الذي يتعين الوقوف للحظة من أجل تقييم هذا الحدث الفني والثقافي، واستبيان حجم أثره على الشباب، ومآل التمويلات التي ضخت فيه عبر قنوات "الرعاية"، على مدى سنوات.