التضخم وتغير نمط الاستهلاك يحرقان جيوب الأسر

التحليل والرأي - 17-07-2023

التضخم وتغير نمط الاستهلاك يحرقان جيوب الأسر

اقتصادكم

 

"دقة تابعة دقة وشكون يحد الباس"، مقطع من أغنية شهيرة لمجموعة "ناس الغيوان"، تحكي عن شدة الوجع وانقلاب الأوضاع، وعن عدم الرضا بالمصير، لا ينفك المغاربة يستعينون بكلماتها للتعبير عن ضيق الأفق وعسرهم المادي في كل مرة، خصوصا خلال الظرفية الحالية، التي وضعت الأسر في مواجهة رهانات مالية متقاربة لا تستطيع مجاراتها.

تحديات مالية متصلة أنهكت ميزانية الأسر، التي فقد أغلبها القدرة على الادخار (89.7 %)، وأغرقتها في دوامة القروض، فبعد تمويل نفقات الاستهلاك في رمضان، وجدت الأسر نفسها أما تحد عيد الفطر، وما يفرضه من نفقات كساء ولوازم احتفال، وهي المناسبة التي أعقبها عيد الأضحى، المتزامن هذه السنة مع تمويل عطلة الصيف، المتبوعة مباشرة بتكاليف الدخول المدرسي في شتنبر المقبل.

هذه التكاليف المادية الباهظة أجبرت الأسر على الارتماء في أحضان البنوك والشركات التمويلية، وهو الأمر الذي يظهر من خلال استدانتها 383.4 مليار درهم من البنوك متم ماي الماضي، منها 57.5 مليار درهم عبارة عن قروض استهلاكية، وجهت بشكل مباشر إلى تغطية نفقات ظرفية، وتمويل كماليات جديدة فرضها تغير نمط الاستهلاك، بواسطة مبالغ صغيرة لا تتجاوز في المتوسط 50 ألف درهم. 

تقرير المندوبية السامية للتخطيط الصادر اليوم الاثنين، رسم صورة قائمة حول المستقبل المالي للأسر المغربية، خصوصا ما يتعلق بقدرتها على الادخار، المؤشر الذي يعكش الوضعية المالية الحقيقية للأسر. وبلغة الأرقام دائما، يتوقع حوالي ربع الأسر (24.6 %) تدهور وضعيتهم المالية خلال 12 شهرا المقبلة، فيما صرحت نسبة (44 %) من الأسر صرحت باستنزاف مدخراتها ولجوئها إلى الاقتراض خلال الفصل الثاني من السنة الجارية.

التضخم فاقم الوضعية المالية للأسر، حسب تحليل المندوبية السامية للتخطيطـ، إذ صرحت 98.1 % من الأسر بارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال 12 شهرا الماضية، مع توقعات نسبة 72.5 % من هذه الأسر باستمرار منحى الأسعار التصاعدي خلال الفترة المقبلة، ما يحيل على سيناريوهات صعبة ستؤثر سلبا على القدرة الشرائية، خصوصا مع انطلاق رفع الدعم التدريجي للمواد المدعومة ضمن منظومة المقاصة (الدقيق والسكر وغاز البوتان) في 2024.

تحول نمط الاستهلاك وـأثير التضخم رفعا وتيرة استدانة الأسر، وأثرا سلبا على ملائتها المالية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها الائتمانية، وهو الأمر الذي يظهر جليا من خلال ذ ارتفاع قيمة القروض معلقة الأداء بذمة الأسر لدى البنوك، التي وصلت إلى 37.7 مليار درهم، أي 3770 مليار سنتيم، متم ماي الماضي، بزيادة نسبتها 1 % مقارنة مع دجنبر الماضي.