اقتصادكم
إذا كان المنعشون العقاريون رحبوا بما حملته المذكرة التأطيرية لرئيس الحكومة بشأن مشروع القانون المالي 2023، من إعادة نظر في الدعم المقدم إلى السكن الاجتماعي، واستبدال الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بدعم مباشر للملاك الجدد، فإنهم وسط دعمهم لهذا الإجراء، تناسوا ما بذمتهم من دعم بالملايير، حصلوا عليه من الدولة، واستحق أوان إعادته بالنسبة إلى أغلبهم.
إعادة النظر في دعم السكن الاجتماعي سيكون منقوصا، إذا لم يشمل أيضا، ما حصله المنعشون العقاريون على مدى سنوات من إعفاءات ضريبية في سياق إنتاجهم لهذا المنتوج العقاري، استنادا إلى تعاقدات مع الدولة، قيدت المنعشين بدفاتر تحملات صارمة، مقابل إعفاءات مهمة، ما مكنهم من مراكمة أرباح ضخمة، بسبب تركز الاستثمارات في هذا المنتوج العقاري المدعم، مقارنة مع منتوجات أخرى في السوق أقل ربحية، مثل السكن المتوسط
المنعشون العقاريون بصدد "التهرب الكبير" من الضرائب، عند تغيير آليات دعم منتوج السكن الاجتماعي، دون إخضاعهم للمحاسبة عن السنوات الماضية، وتحصيل ما بذمتهم من ضرائب، بسبب عدم وفائهم بالتزاماتهم التعاقدية مع الدولة، خصوصا بلوغ عدد الوحدات الملزمين بإنتاجها، وهي التعاقدات التي سبق لنبيل بن عبد الله، وزير الإسكان والتعمير في حكومة عبد الإله بنكيران، فتحها، دون أن يتخذ فيها أي قرار حاسم، وعلى سنته سار الوزراء اللاحقون إلى اليوم.
ويلزم نص الاتفاق الذي يجمع الدولة بالمنعشين العقاريين، المنشور بالموقع الرسمي لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، الطرف الثاني بدفتر تحملات، يتضمن برنامجا لإنجاز 500 وحدة للسكن الاجتماعي بسعر بيع لا يتجاوز 250 ألف درهم، 25 مليون سنتيم، دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة، التي تصل فيمتها إلى 40 ألف درهم، 4 ملايين سنتيم، تتحملها الدولة عن المالك الجديد، فيما يبدأ سريان التعاقد داخل مدة لا تتجاوز 5 سنوات، تنطلق من تاريخ الحصول على أول رخصة بناء.
وفي المقابل يستفيد المنعشون العقاريون عند التعاقد من أجل إنجاز مشاريع السكن الاجتماعي، من إعفاءات جبائية مهمة، تتعلق بالضريبة على الشركات، والضريبة على الدخل، وكذا حقوق التسجيل والتنبرـ وكذا حقوق التقييد في الدفاتر العقارية، إضافة إلى الرسم المهني والرسم على الأراضي غير المبنية، وكذا الرسم على عمليات البناء.
هذه الإعفاءات الجبائية، مقيدة بموجب الاتفاق مع الدولة بمجموعة من الشروط الجزائية، عند الإخلال بأي التزامات من قبل المنعشين العقاريين، خصوصا في حالة العجز عن بلوغ إنتاج عدد الوحدات السكنية المشار إليه سلفا. يتعلق الأمر بعقوبات تصل إلى 15 % من قيمة الضريبة على القيمة المضافة عن رقم المعاملات المحقق في الجزء المنجز من المشاريع موضوع الاتفاق، وإعادة النظر في أساس التضريب ومراجعة الواجبات الجبائية المختلفة، المستحقة على المنعشين المخالفين، وإخضاعهم لغرامات تأخير ودعائر.
وإذا كان المنعشون العقاريون، خصوصا الكبار منهم، راكموا أرباحا ضخمة خلال السنوات الماضية، من خلال المتاجرة في السكن الاجتماعي، فإن ملزمون اليوم بتقديم حساباتهم للدولة عما حصلوا عليه من إعفاءات جبائية بالملايير، الخزينة العامة أحوج إليها أكثر من أي وقت مضى، عوض التفكير في دعم الملاك، وفتح مسلك آمن لهؤلاء المنعشين من أجل "التهرب الكبير" من أداء الضرائب المستحقة عليهم.