السوق العقارية.. أي تأثير لرفع أسعار الفائدة على تطور الطلب في 2023؟

التحليل والرأي - 03-03-2023

السوق العقارية.. أي تأثير لرفع أسعار الفائدة على تطور الطلب في 2023؟

اقتصادكم

تختلف التكهنات حول توقعات الانتعاش الاقتصادي بالمغرب وتطور معدلات التضخم، ويثير وقع هذا الأخير على سوق العقارات مخاوف متزايدة في صفوف فاعلي القطاع.

ويحمل السياق التضخمي العالمي في طياته أثرا ضخما على العقار، حيث يعتبر سوقا معرضة لتقلبات أسعار الطاقة وتكاليف البناء.

ويتمثل الأثر الجلي لهذه التقلبات الاقتصادية في ارتفاع أسعار الرهن العقاري، إذ يصاحب رفع أسعار الفائدة ارتفاع معدلات الفائدة على القروض، بما فيها الرهون العقارية، وتفضي النتيجة بذلك إلى احتمال انخفاض الطلب خلال الأشهر المقبلة.

هل خطر حدوث ركود وارد؟

من الجلي أن ارتفاع المعدلات يهدد باحتمال وقوع كساد النشاط الاقتصادي لعدة قطاعات حيوية، ولا تستثنى من ذلك سوق العقارات، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يعتبر احتمال حدوث ركود فعلي في هذا السوق احتمالا واردا؟

كشف مركز الأبحاث "سي دي جي كابيتال إنسايت"، التابع لصندوق الإيداع والتدبير، في مذكرة تحليلية حول توقعات سوق الأسهم، أنه "من المرجح أن يستمر مهنيو العقارات في الشعور بآثار ارتفاع الأسعار"، خاصة بعد سنة 2021 التي اتسمت بحصيلة إيجابية عموما، مدفوعة بفترة التعافي من تداعيات الجائحة وبالحوافز الضريبية.

وتشير المذكرة إلى أن "الحرب في أوكرانيا وارتفاع مستويات التضخم، جنبا إلى جنب مع رفع أسعار الفائدة والتباطؤ الاقتصادي، أدت جميعها إلى خلق تحديات ضخمة أمام قطاع العقار بالمغرب"، مضيفة أن القطاع يواجه أيضا الإشكاليات المتمثلة في اضطرابات سلسلة التوريد وارتفاع تكاليف البناء والتمويل.

ويرى محللو مركز الأبحاث أن هذه الرياح المعاكسة ستعصف بصناعة العقارات، مما يحيل على تباطؤ معدل النمو خلال سنة 2023.

والجدير بالذكر أن أحد العوامل التي تثير قلق الأسر التي اعتمدت وسيلة الرهن العقاري للحصول على عقارات هو احتمالية أن يؤدي السياق التضخمي إلى رفع أسعار الفائدة.

وأوردت مذكرة مركز الأبحاث في هذا الصدد، أن من شأن هذه الضغوط المطبقة على دخل الأسر جراء التضخم وفي ظل عدم وجود أي زيادات في الأجور، إلى جانب سياق ارتفاع أسعار الفائدة، أن يقيد في نهاية المطاف المعاملات العقارية.

ويتسم السياق الحالي، أيضا، باضطرابات سلسلة التوريد، مما يؤدي إلى نقص السلع الأساسية.

وأفاد المصدر ذاته بأن انتكاسة صعوبات التموين، ولا سيما صعوبات التموين بالمنتجات شبه النهائية والتي تواجهها الصناعات المغربية، يمكن أن تشكل فرصة حقيقية أمام القطاع العقاري.

وأوضح أنه "في سبيل تخفيف الضغوط اللوجستية، يمكن أن تلجأ الصناعة المغربية إلى الاستثمار في المستودعات لتخزين المدخلات بهدف تقليل التعرض لتقلبات أسعار المواد الخام في السوق، فضلا عن اعتماد تدابير وقائية متعلقة بسلاسل التوريد من أجل مواجهة النقص وارتفاع التكاليف اللوجستية.

الاستثمار ينقذ الجرة

تبقى المنظومة العقارية، التي تعتمد بشكل كبير على السلع المستوردة، معرضة لعواقب اضطرابات سلسلة التوريد، وقد يستغرق التخلص من الأثر التراكمي لهذه الاضطرابات وقتا طويلا.

وأكدت مذكرة مركز أبحاث "سي دي جي" على أنه عقب التوقعات التي ألقت بظلالها القاتمة على الآفاق الاقتصادية كما يتضح من خلال انخفاض أوراش بناء الوحدات بنسبة 13.6% خلال النصف الأول من سنة 2022 مقارنة بالنصف الأول من سنة 2021، ستشهد سنة 2023 نهاية الإقبال غير المسبوق الذي ميز سنة 2021، من تأجيل مبيعات سنة 2020 (سنة الحجر الصحي) إلى غاية سنة 2021، مرورا بتمديد الإعفاء الضريبي وخفض رسوم التسجيل المتعلقة بشراء العقارات، وصولا إلى جاذبية معدلات العقارات.

ورغم ذلك، يعتقد محللو المركز أن رفع الميزانية الاستثمارية من شأنه أن يعوض جزئيا ضعف الطلب الملحوظ في قطاع العقارات، مشيرين إلى أنه من المرتقب أن يمثل قطاع البنية التحتية المحرك الرئيسي لنمو البناء في سنة 2023، مدفوعا بتوجيهات قانون المالية التي تستند إلى عدة محاور، منها إنعاش الاقتصاد من خلال دعم الاستثمار، عبر رفع الميزانية الاستثمارية بنسبة 22.4%، وهو ما يعادل مبلغ 300 مليار درهم، المنصوص عليه في مشروع قانون المالية.

ويتمثل الخبر السار، على الرغم من السياق التضخمي الذي يؤثر على قيمة الأصول المالية، في أن الاستثمارات العقارية، وسيما العقارات المدرة للدخل، تتمتع بخصوصية أدائها الجيد في بيئة تتسم بارتفاع المعدلات، ولا يتعين الآن سوى التحقق من قدرة العقارات على مقاومة الضغوط التضخمية لطمأنة المستثمرين.