توالي سنوات الجفاف يضع نمو الاقتصاد الوطني أمام عدة تحديات

التحليل والرأي - 19-01-2024

توالي سنوات الجفاف يضع نمو الاقتصاد الوطني أمام عدة تحديات

اقتصادكم - نهاد بجاج

 

تعيش المملكة فترة استثنائية تتسم بتوالي سنوات الجفاف، إذ يعد هذا التحول المناخي تحديا كبيرا يطرح مجموعة من التساؤلات حول تأثيره على الاقتصاد الوطني الذي يعتمد بشكل كبير على الفلاحة، وبالتالي كيف يمكن له التكيف اليوم مع هذه التحديات الجديدة؟.

وحسب تصريحات محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بالبرلمان، فقد تراجع معدل التساقطات المطرية خلال الموسم الفلاحي الحالي بنسبة 54%  مقارنة بمعدل 40 سنة الماضية، مما أدى إلى انخفاض الواردات المائية إذ سجلت 600 مليون متر مكعب، أي بنقص 83 % مقارنة مع معدل الواردات.

وأضاف الوزير في تصريحاته، أن مستوى الموارد المائية ومخزون السدود تراجع من 18 مليار متر مكعب خلال فترة 1945 - 1980، إلى أقل من 5 ملايير متر مكعب في السنوات الخمس الأخيرة، وتوضح هذه التصريحات "المثيرة للقلق" أنه منذ 2018 تم تسجيل ست سنوات جفاف متتالية مع انخفاض غير مسبوق في مستوى الموارد المائية ومخزون السدود والفرشة المائية، فيما بلغت نسبة ملء السدود 23.2% مقابل 31.5 % خلال الفترة نفسها من السنة الماضية.

وتبلغ حصة الفرد من المياه أقل من 650 مترا مكعبا سنويا، مقابل 2500 متر مكعب عام 1960، ومن المتوقع أن تنخفض هذه الكمية لأقل من 500 متر مكعب وهو معدل شحّ المياه.

وفي هذا السياق أكد محمد جدري، محلل اقتصادي، أن الاقتصاد الوطني مرتبط بشكل كبير بالقطاع الفلاحي، وبالتالي فتحقيق نسبة نمو تتراوح بين 3% أو 4% يتجلى في مساهمة القطاع الفلاحي بنقطة أو نقطتين من النمو، وهذا ما حدث في السنتين الماضيتين، إذ أنه في 2022 تم تحقيق نسبة نمو 1%، أما بالنسبة للسنة الماضية فقد تم تحقيق نسبة نمو بـ2.8%، لأن الموسم الفلاحي لم يكن بأحسن أحواله.

وأضاف الخبير الاقتصادي، في تصريح هاتفي لموقع "اقتصادكم"، أن القطاع الفلاحي هو المشغل الأول في المغرب، وبسبب توالي سنوات الجفاف تم فقدان 260 منصب شغل في القطاع الفلاحي فقط، موضحا أن هذه التقلبات المناخية والجفاف الذي أصبح هيكليا وبنيويا، وجب وضع فرق بين المغرب الآن والمغرب ما بعد 2030. 

ورغم هذه الظروف الصعبة، فقد شهد الاقتصاد الوطني اعتدالا في وتيرة نموه خلال الفصل الأول من 2024، متأثرا بتداعيات عودة الجفاف الموسمي، وتأخر الموسم الفلاحي 2024/2023، في ظل تسجيل عجز في التساقطات خلال الأربعة أشهر الأولى من هذا  الموسم ليصل إلى 53% مقارنة مع نفس الفترة من موسم فلاحي عادي، وبالرغم من ذلك يتوقع أن تحقق القيمة المضافة الفلاحية زيادة بنسبة 0,5% حسب التغير السنوي، باعتبار فرضية عودة نظام مناخي يقارب التوجهات المطرية التي تميز موسم فلاحي عادي بدءا من الفصل الأول من 2024، وفق المندوبية السامية للتخطيط.

وبالتالي فهذه التحديات التي تعرفها المملكة تتطلب تدابير فورية وفعّالة من قبل الحكومة، إذ وجب  تعزيز استخدام المياه بشكل فعّال وتحسين إدارتها، وهذا ما دعا له عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، إذ اتخذ مجموعة من التدابير الاستعجالية الصارمة من أجل الحد من استنزاف الموارد المائية والحفاظ عليها، من خلال حظر سقي جميع المساحات الخضراء والحدائق العمومية، وتنظيف الطرقات والمساحات العمومية بالمياه، بمختلف جهات المملكة، ومنع ملء المسابح العمومية والشخصية لأكثر من مرة في السنة.