اقتصادكم
سيكون أعضاء المجلس الإداري لبنك المغرب غدا الثلاثاء، على موعد مع اجتماع حارق، يرتقب أن يقرر في مطلب عاجل وملح، وهو سعر الفائدة الرئيسي، الذي انقسمت الآراء والتحليلات حول رفعه من عدمه، أو المحافظة على استقراره في النسبة الحالية.
وفي ظل ارتفاع مستوى التضخم، يواجه بنك المغرب تحد مهم، يتمثل في رفع معدل الفائدة الرئيسي أو تخفيضه، أو في أحسن الأحوال المحافظة عليه في نسبته الحالية 1.5 %. لكن خلف كل قرار يتعين التعليل بأسباب منطقية. وبهذا الخصوص، يؤكد بنك الأعمال "سي دي جي كابيتال" في تحليله لقرار بنك المغرب المرتقب، من خلال أحمد زهاني، محلل للتوازنات الماكرواقتصادية والمؤشرات، أن رفع البنك المركزي لـ"معدل الفائدة"، يمثل امتيازا مهما، لكنه محفوف بمخاطر وسلبيات.
وشدد المحلل على أن معدل النمو للسنة الجارية يواجه موجات ركود متقاربة، مرتبطة أساسا، بسوء نتائج المسوم الفلاحي والظرفية الاقتصادية والسياسية الدولية، المطبوعة بتداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، ومعاناة الدول النامية من تطور مستويات التضخم، وتأثير ذلك على حركة رؤوس الأموال، موضحا أن السبب الوحيد الذي يعزز قرار رفع معدل الفائدة الرئيسي سيكون "حماية الادخار"، منبها في السياق ذاته، إلى أن معدلات الاقتراض تراجعت، وأثرت سلبا على الادخار، والإيداعات لأجل، وبالتالي تراجع شروط الإيداع.
وبالنسبة إلى مخاطر وسلبيات قرار رفع معدل الفائدة، فإن الفاعلين في القطاع المالي قلقون من تراجع مردود الادخار، ويأملون في رفع "معدل الفائدة الرئيسي"، وهو المعطى الموجود لدى جميع البلدان النامية. وبهذا الخصوص، يمكن طرح تجربة مهمة، تتعلق بالبنك الفدرالي الأمريكي الذي ما زال في المنطقة السالبة، رغم قراره رفع معدل الفائدة المذكور، إذ ظل معدل التضخم في تطور. لكن في المقابل، يمكن ملاحظة موقف البنك المركزي الأوربي، الذي تمهل في الرد على مستوى التضخم الحالي، وأرجأ اتخاذ قرار رفع معدل الفائدة إلى يوليوز المقبل.
وتعلل البنك المركزي الأوربي في قراره هذا، بعدم رغبته منح الادخار أولوية على حساب متطلبات النمو الاقتصادي، معتبرا أن هذا الأمر سيتسبب في مجموعة من المشاكل، مضيفا أن هناك عنصر آخر يمكن إضافته إلى هذه المعادلة، يتعلق بالانتقال البطيء لتخفيض معدل الفائدة نحو معدلات الإقراض، ذلك أن تخفيضات معدلات الفائدة المنجزة خلال السنة الماضية، ما زالت لم تنعكس بالكامل على معدلات الإقراض، في الوقت الذي ما زال منحى القروض يحاول العودة إلى الارتفاع، خصوصا قروض التجهيز وتلك الموجهة إلى المنعشين العقاريين، هذه الأخيرة سجلت تراجعا مهما.
وتمتد المخاطر أيضا، إلى احتمال تراجع شروط التمويل، ذلك أنه إذ كان النظام النقدي وجد من أجل مواكبة تمويل الاقتصاد، والبنك المركزي وجد أيضا، من أجل تحفيز النمو وفق الإمكانيات المتاحة، فإنه لا يمكنه رفع معدل الفائدة الرئيسي إرضاء للفاعلين، خصوصا مع زيادة كلفة تمويل الخزينة، وبالتالي فرفع معدل الفائدة سيفاقم هده الكلفة.
ومن شأن ارتفاع تكلفة تمويل الخزينة، المساهمة في رفع معدلات تمويل البنوك، التي تعاني من عجز في السيولة يصل إلى 80 مليار درهم، عبارة عن تمويلات من بنك المغرب لهذه البنوك، ما سيؤثر بشكل مباشر على قرار رفع معدل الفائدة الرئيسي.