زيت الزيتون.. كيف أصبح "الذهب الأخضر" أكثر ندرة بسبب الجفاف؟

التحليل والرأي - 06-12-2024

زيت الزيتون.. كيف أصبح "الذهب الأخضر" أكثر ندرة بسبب الجفاف؟

اقتصادكم_إيمان البدري

 

لطالما كانت زيت الزيتون حاضرة بشكل يومي على موائد الأسر المغربية، إلا أن الارتفاع الكبير في أسعارها، الناتج عن سنوات الجفاف المتتالية، جعل اقتنائها أمراً صعباً للعديد من العائلات.

يبدأ موسم جني الزيتون وعصره في شهر نونبر، إذ يحرص المغاربة على تأمين احتياجاتهم من هذه المادة الأساسية رغم الصعوبات المناخية التي أثرت على إنتاج الزيتون بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.

تأثير الجفاف على الإنتاج
مع استمرار تراجع محصول الزيتون عامًا بعد عام، يعترف المهنيون بأن الجفاف قد ألقى بظلاله الثقيلة على القطاع. فقد أفادت وزارة الفلاحة بأن إنتاج زيت الزيتون لهذا العام يتوقع أن يصل إلى 90 ألف طن، وهو ما يقل بكثير عن متوسط الاستهلاك الوطني البالغ ما بين 130 و140 ألف طن سنويًا.

وفي هذا السياق، صرح وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، أن إنتاج الزيتون لهذا الموسم شهد انخفاضًا بنسبة 11% مقارنة بالموسم السابق و40% مقارنة بالمواسم العادية. وأرجع الوزير هذا التراجع إلى الجفاف وارتفاع درجات الحرارة خلال فترة الإزهار، مما أثر سلبًا على المحاصيل.

وعزا الوزير في معرض رده على سؤال شفوي بمجلس النواب، أسباب هذا التراجع إلى تأثير الجفاف الذي شمل أيضا المناطق المسقية، موضحا أن ارتفاع درجات الحرارة خلال فترة الإزهار أثر كذلك سلبا على المردودية وهو ما أدى إلى انخفاض الإنتاج.

تدخلات حكومية لاحتواء الأزمة
للتخفيف من آثار انخفاض الإنتاج المحلي، صادقت الحكومة في أكتوبر الماضي على مشروع مرسوم رقم 2.24.960 بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على زيت الزيتون البكر والبكر الممتاز، مع إخضاع المنتوج المستورد لمراقبة صارمة من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، كما تهدف هذه التدابير إلى استقرار الأسعار وضمان توافر المنتج في الأسواق.

ارتفاع التكاليف وأسعار السوق
وأوضح رشيد بنعلي، رئيس الفيدرالية البيمهنية المغربية للزيتون، في تصريح للصحافة، أن ارتفاع أسعار زيت الزيتون ليس فقط نتيجة انخفاض العرض، بل أيضًا لارتفاع تكلفة الإنتاج، بما في ذلك اليد العاملة والمصاريف المرتبطة بالزراعة والجني. وأشاد بالإجراءات الحكومية لفتح باب استيراد الزيت، معتبرًا أنها خطوة إيجابية تصب في مصلحة المستهلك المغربي.

آثار الجفاف والممارسات التجارية
من جانبه، أشار بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إلى أن تدني الإنتاج المحلي، خاصة في المناطق المتضررة مثل الحوز، أدى إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون. كما انتقد ممارسات بعض المضاربين الذين يحتكرون المنتج للتحكم في الأسعار وتحقيق أرباح غير مشروعة.

مكانة استراتيجية وإمكانات للتطوير
تُعتبر زراعة الزيتون أحد أهم القطاعات الفلاحية في المغرب، إذ توفر أكثر من 50 مليون يوم عمل سنويًا وتغطي 68% من المساحات المخصصة للأشجار المثمرة. وتتركز زراعة الزيتون في جهات مثل فاس-مكناس ومراكش-آسفي، التي تمثلان أكثر من نصف المساحات المزروعة.

ورغم التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية، يبقى تطوير القطاع ممكنًا من خلال تبني تقنيات حديثة للري وتحليل التربة، واختيار أصناف الزيتون المناسبة لكل منطقة لضمان استدامة هذه الزراعة الحيوية.