اقتصادكم ـ شعيب لفريخ
فرضت أزمة الطاقة العالمية على أوروبا الاتجاه نحو تسريع الاعتماد على الطاقات المتجددة، ووعد القادة الأوروبيون بزيادة القدرة الإنتاجية من الطاقة المتجددة في القارة، مع تقليل واردات الغاز من روسيا، وإذا كان هذا هو حال أوروبا والعديد من دول العالم، فهل سيسير المغرب في نفس الاتجاه ويقوم بتسريع وتيرة الاعتماد على هذه الطاقات المتجددة الرخيصة والنظيفة.
وإذا كانت خطط الاتحاد الأوروبي تتجه حاليا نحو التوسع السريع في مصادر الطاقة المتجددة، لا سيما مزارع الرياح الأكثر إنتاجية خلال فصل الشتاء، وهو موسم ذروة استهلاك الغاز والكهرباء، فإن المغرب يتوفر على مناطق ليس فقط للطاقة الريحية وإنما أيضا للطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية.
ففي ألمانيا تعهدت الحكومة بتسريع تطوير الطاقة الخضراء من خلال تدابير مثل زيادة المساحات المتاحة لمجمعات الطاقة الشمسية، وتوسيع الشبكات الكهربائية وإضافة مزارع الرياح في البحر، وفي هذا الصدد قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إن الخطة الموضوعة ستساعد ألمانيا على مضاعفة نصيب مصادر الطاقة المتجددة في إجمالي استهلاك الطاقة، في غضون عقد من الزمان تقريباً.
وفي الآونة الأخيرة شجعت ألمانيا الفلاحين على تركيب الألواح الشمسية بجوار محاصيلهم في محاولة لتسريع التوسع في الطاقة المتجددة، كما شجعت الحكومة المزارعين في تخصيص ما يصل إلى 15% من حقولهم للطاقة الشمسية، وقالت وزارة الاقتصاد في بيان يوم الخميس الماضي إن المبادرة قد تولِّد حوالي 200 غيغاواط من الطاقة الشمسية الإضافية مقارنة بنحو 60 غيغاواط حالياً.
قال رئيس سياسة المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانز، إنَّ التكتل قد يضع أهدافاً أكثر طموحاً لانتقاله إلى الطاقة المتجددة في الوقت الذي يبحث فيه عن بدائل لواردات الطاقة، وهناك نقاش حاد على مستوى العديد من البلدان الأوروبية بتسريع الإجراءات الإدارية والقانونية لاعتماد الطاقات المتجددة.
وفي إسبانيا والبرتغال تم تقليص الموافقات الإدارية للمساعدة في تبسيط تطوير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في شبه الجزيرة الأيبيرية، وهو ما يستغرق معه بناء مزارع الطاقة الشمسية في بضعة أشهر فقط، ما يعني أن الإجراءات يمكن أن تساعد في تعزيز إمدادات الكهرباء بسرعة، وخفض أسعار الطاقة المرتفعة.
لكن هذا سيحدث فقط إذا قامت إسبانيا بتسريع عملية الاتصال بالشبكة، فهناك حسب تقرير لوكالة بلومبرغ، أكثر من 120 غيغاواط من مشاريع الطاقة الشمسية المخطط لها، أي سبعة أضعاف القدرة الإنتاجية الحالية، تنتظر في الطابور، وهو أكبر تراكم في أوروبا.
وفي المغرب، يجري حاليا العمل من الجانب البريطاني، على مشروع أطول “كابل” بحري في العالم متعلق باستيراد إنجلترا للطاقة الكهربائية المحولة انطلاقا من مزارع الطاقة الشمسية والريحية من المغرب في اتجاه إنجلترا، باستثمار ضخم من الجانب البريطاني تصل تقديراته إلى حوالي 22 مليار دولار، ويمتد على مسافة حوالي 3800 كيلومتر، وسيمكن من تلبية حاجيات 7 ملايين مسكن بريطاني من الكهرباء.
وإذا كان المغرب سيصدر الطاقة الشمسية والريحية إلى الخارج بتكلفة لوجستية ومالية مرتفعة، فإنه سيكون من الأولى أن يهتم المغرب لنفسه بنشر هذا النوع من الطاقة الرخيصة والنظيفة المتوفرة لديه، وربطها بشبكته الكهربائية.
ومن المعلوم أن المغرب له شراكات مع دول وشركات عالمية كبرى، في مجال انتاج الطاقات المتجددة كالألواح الريحية والشمسية، وقطع أشواطا مهمة، كما أنه شجع على استعمال واستغلال الطاقات المتجددة سواء للاستعمال الذاتي أو في الاستعمال العام لإنتاج الكهرباء، وماعليه في الوقت الراهن إلا التسريع من هذه الوتيرة كما يجري التسريع في الدول المجاورة والبلدان الأوروبية.