تحفيز الإدراج.. بورصة الدار البيضاء تغري شركات البناء بتمويلات بديلة

البورصة - 09-06-2023

تحفيز الإدراج.. بورصة الدار البيضاء تغري شركات البناء بتمويلات بديلة

اقتصادكم

 

لم تسجل بورصة الدار البيضاء حتى يونيو الجاري أي عملية إدراج جديدة، ما قد يجعل هدف رفع عدد الشركات المُدرَجة بنحو 5 أضعاف، من 76 شركة حالياً إلى 350 بحلول 2035، أمراً صعباً ويتطلب جهوداً مضاعفة.

وتحاول بورصة الدار البيضاء تشجيع الشركات للإدراج من خلال تنظيم لقاءات، كان آخرها في الرباط مع شركات البناء، التي يغلب عليها الطابع العائلي، وجرت توجيه دعوة مُؤسسيها للتفكير في السوق المالية كوسيلة تمويل بديلة وذات شروط ميسرة.

ويعود آخر إدراج في قطاع البناء بالمغرب إلى 2021 من قبل شركة "TGCC"، إذ فاق طلب المستثمرين على أسهمها 13 مليار درهم، مقابل 600 مليون درهم المطلوبة.

وقال كمال مقداد، رئيس المجلس الإداري لبورصة الدار البيضاء، في اللقاء المذكور، إنَّ "عملية الإدراج تُساهم في تسريع وتيرة نمو الشركات العائلية وتضمن تحولها، خصوصاً تلك العاملة في قطاع البناء التي تتلقى طلباً كبيراً من قبل المستثمرين".

وتعتبر شركة "أكديطال"، العاملة بالقطاع الصحي الخاص، آخر الشركات الملتحقة ببورصة الدار البيضاء، إذ جمعت 1.2 مليار درهم في نونبر 2022 بعدما نجحت في تعبئة 4.5 ملايير درهم، ليكون بذلك الطرح الأولي الأهمّ منذ 2008.

ومن جهته، قال علي اسكندر، المُدير العام لشركة "بي إم سي إي كابيتال كونساي" (BMCE Capital Conseil)، وهو بنك استثماري تابع لـ"بنك أفريقيا"، إنَّ "80% من الشركات المغربية متوسطة وصغيرة الحجم، غالباً ما تنظر للاكتتاب العام كأنَّه فقدان للسيادة والسيطرة على الشركة والقرارات التي يتعيّن اتخاذها".

وفي 2014 أطلقت بورصة الدار البيضاء برنامجاً باسم "إليت" (Elite) بشراكة مع مجموعة بورصة لندن بهدف تشجيع الشركات على الإدراج ومواكبتها حول المتطلبات الضرورية لذلك، لكنَّ عدداً من الشركات المستفيدة من البرنامج لا يفكر في دخول السوق المالية على المدى المتوسط، من بينها "لوكاميد" لتوزيع المعدات الطبية و"جنيرال دو بروجي" التي تشتغل البناء.

وبهذا الخصوص، قالت بُثينة عراقي حسيني، رئيسة "لوكاميد"، في تصريح لـ"بلومبرغ"، إنَّ "قرار الإدراج في البورصة ليس أمراً سهلاً بالنسبة لشركة عائلية، كما أنَّ الظروف الاقتصادية الحالية لا تتيح فرصة جيدة لاتخاذ مثل هذه الخطوة التي يجب الاستعداد لها بشكل جيد".

وتسعى بورصة الدار البيضاء لاستقطاب أكبر عدد من الشركات العائلية في قطاع البناء الذي تبلغ مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 6%، وهو قطاع يحتاج تمويلات كبيرة نظراً للاستثمارات والمشاريع الكبيرة التي تُعلن سنوياً في البنى التحتية من طرف الحكومة، وتقدّر بنحو 45 مليار درهم في 2023.

وقال اسكندر إنَّ "الشركات في المغرب تنظر إلى السوق المالية، التي تعتبر رافعة للتمويل ودافعةً لتحوّل الشركات، بمثابة تهديد وهذا غير صحيح في الواقع". كما تظل أسهم أغلبية الشركات عائلية، إذ قال المتحدث إنَّ "هذه العائلات تُدير أعمالها بطريقة تقليدية من خلال تبني أسلوب يركز على شخص أو شخصين، وبشكل عام يكون المساهم المؤسس"، وأضاف أنَّ "هذا النمط من الإدارة يؤدي إلى إحجام الشركات على التواصل والانفتاح".

وفي بورصة الدار البيضاء، يحضر قطاع البناء بـ8 شركات مختلفة الأحجام تُمثل 3.5% من القيمة السوقية بمؤشر قطاعي باسم "MASI.BTP"، من بينها "لافارج هولسيم المغرب"، و"صوناسيد".

ويتيح الولوج إلى البورصة الحصول على التمويل، لكنَّ ذلك يتطلب اعتماد الشفافية المحاسبية والضريبية، وهي أمور لا تشجع "أصحاب الشركات لاتخاذ خطوة إلى الأمام، وتفضل الاستمرار في نظام الإدارة القديم"، بحسب تصريح اسكندر.

ويعمل في قطاع البناء والأشغال العمومية نحو 1.2 مليون شخص، ووصل متوسط قيمة المشروعات التي أُنجزت في السنوات بين 2018 و2021 إلى نحو 60 مليار درهم . وأشار كمال مقداد إلى أنَّ هناك رهاناً كبيراً على شركات القطاع لرفع حركة السوق المالية بالنظر لشهية المستثمرين المؤسساتيين، خصوصاً صناديق التقاعد والتأمين، للاستثمارات طويلة الأمد.

ويرتبط إحجام الشركات عن الإدراج ببسبب آخر، يتمثل وفق تصريح اسكندر، في عدم معرفة جميع المزايا التي يمكن أن تتيحها البورصة، منها الشهرة والقدرة على التفاوض مع الشركاء، وتقييم الشركة، والحصول على تمويل لتطوير الأنشطة وتنويعها.

وتحاول عدة بنوك استثمارية بينها "بي إم سي إي كابيتال كوننساي" توعية أصحاب الشركات المغاربة بأهمية الإدراج، وهي جهود يؤكد اسكندر على ضرورة الاستمرار فيها لتحقيق أهداف المغرب في إطار النموذج التنموي الجديد في أفق 2035 عبر تجاوز رقم 300 شركة مدرجة.