الاقتصاد الوطني في 2024 .. إشارات متباينة

الاقتصاد الوطني - 09-01-2025

الاقتصاد الوطني في 2024 .. إشارات متباينة

اقتصادكم

 

بينما يظهر الاقتصاد المغربي بعض علامات المرونة، فإنه يواجه تحديات هيكلية معقدة. وعلى الرغم من أن النمو يبدو إيجابيًا، إلا أنه يظل محدودًا بسبب الصعوبات الداخلية والخارجية.

في الربع الثاني من عام 2024،  أظهر الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 2.4%، وهي نسبة أقل قليلاً مقارنة بنفس الفترة من عام 2023 (2.5%). هذه الأرقام تشير إلى وضع اقتصادي مزدوج: فمن جهة، هناك تراجع بنسبة 4.5% في القيمة المضافة الفلاحية بسبب الجفاف المتكرر وأزمة المياه المتفاقمة؛ ومن جهة أخرى، سجلت الأنشطة غير الفلاحية زيادة ملحوظة بنسبة 3.2%، مما يعكس التنوع الاقتصادي ولكن بشكل غير كافٍ لتعويض ضعف القطاع الفلاحي.

فيما يتعلق بالطلب، يظل الاستهلاك المحلي المحرك الرئيسي للنمو، حيث ساهم بنحو 5.2 نقطة. على العكس، شكل العجز التجاري المتزايد (-2.9 نقطة) نتيجة تدهور التجارة الخارجية، التي تأثرت بزيادة العجز التجاري بنسبة 5.2%. بين الربع الثالث من عام 2023 والفترة نفسها من عام 2024، تم خلق 213 ألف فرصة عمل، خصوصًا في قطاعات الخدمات (+258 ألف) والبناء (+57 ألف) والصناعة (+23 ألف). 

في المقابل، يواصل القطاع الزراعي التراجع حيث فقد 124 ألف وظيفة. هذا التحول انعكس في ارتفاع طفيف في معدل النشاط (43.6% مقابل 43.2%)، رغم أن معدل البطالة البالغ 13.6% لا يزال يشكل تحديًا ويعكس التوترات الهيكلية في سوق العمل.

الضغط على الحسابات الخارجية

شهدت الصادرات المغربية نمواً بنسبة 6.2% خلال الأشهر العشرة الأولى من 2024، مدفوعة بقطاعات السيارات والطائرات والفوسفاط. لكن هذه الزيادة لا تزال غير كافية لمواجهة ارتفاع الواردات (+5.8%)، التي تغذيها الحاجة إلى السلع والمنتجات الاستهلاكية.

ورغم انخفاض فاتورة الطاقة، إلا أنها لا تزال تؤثر على الميزان التجاري. في الوقت نفسه، سجلت عائدات السفر زيادة بنسبة 9.3% لتصل إلى مستويات قياسية، فيما ارتفعت التحويلات المالية من الجاليات الأجنبية بنسبة 3.9%، مما ساهم في تمويل الحساب الجاري. وعلى الرغم من تحسن الإيرادات العادية (+13.6%)، فإن العجز في الميزانية وصل إلى 49 مليار درهم خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة. ورغم الجهود الحكومية لزيادة الاستثمار (+9.9%)، فإن عبء الدين العام، الذي ارتفع بنسبة 5.8%، يشكل تحديًا كبيرًا.

التضخم تحت السيطرة ولكن مع ضرورة اليقظة

بعد ارتفاعه إلى 6.1% في عام 2023، بدأ التضخم في التباطؤ بشكل كبير في عام 2024 ليصل إلى 1% في المتوسط، نتيجة لتراجع أسعار المواد الغذائية المتقلبة والوقود. ومع ذلك، لا يزال التضخم الأساسي، الذي بلغ 2.2% في أكتوبر، يعكس الضغوط المستمرة، خاصة بسبب تأثيرات الجفاف والتوترات في سلاسل التوريد.

يتوقع بنك المغرب أن ينمو الاقتصاد بشكل معتدل بمعدل 3.9% في عامي 2025 و2026، بناءً على فرضية استقرار مواسم الزراعة واستمرار الزخم في القطاعات غير الزراعية. ومع ذلك، تظل المخاطر قائمة، خاصة في ظل شح المياه، تقلب الأسواق العالمية، والتوترات الجيوسياسية. في هذا السياق، يصبح من الضروري تسريع الإصلاحات الهيكلية، خصوصًا لتعزيز مرونة القطاع الزراعي، وتنويع الاقتصاد، وتحسين إدارة الدين العام.