اقتصادكم-حنان الزيتوني
كشف أمين البصري، مدير مرصد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن مشروع الدليل العملي لتقييم أثر سياسات مكافحة الفساد يشكل أول لبنة نحو إرساء مرجع وطني مشترك بين مختلف الفاعلين، مؤكدا أن هذا المشروع يندرج في سياق التحولات المؤسسية التي يشهدها المغرب في مجال الوقاية من الفساد.
وأبرز البصري، في تصريح لموقع “اقتصادكم”، على هامش اللقاء الدراسي الذي نظمته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بشراكة مع مجلس أوروبا حول تقييم أثر سياسات مكافحة الفساد، أن إعداد الدليل جاء لسد محدودية الآليات السابقة التي كانت تركز على تتبع تنفيذ المشاريع دون تقييم فعلي لأثرها على الممارسات والمؤسسات.
وأضاف البصري أن اقتراب انتهاء تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد (2015-2025) كشف الحاجة إلى اعتماد منظومة تقييم مبنية على مؤشرات علمية منذ مرحلة التصميم، بدل الاكتفاء بالمراقبة التقنية للتقدم.
وأوضح أن التحليلات التي قامت بها الهيئة أظهرت أن غياب أدوات تقييم منهجية حال دون قياس التأثيرات الحقيقية للبرامج، ما دفع المرصد إلى تطوير إطار مرجعي جديد يدمج البعد التقييمي في كل مراحل إعداد الاستراتيجية المقبلة.
وفي السياق نفسه، كشف مدير المرصد أن إعداد الدليل مر عبر مراحل علمية دقيقة، من بينها إنجاز تقرير شامل حول تجارب تقييم الأثر وطنيا ودوليا، ثم عرض نتائجه على خبراء مجلس أوروبا الذين أغنوا محتواه بملاحظاتهم التقنية، قبل الانتقال إلى تقرير مقارن يضم الدروس المستخلصة من التجارب الدولية المتقدمة، مؤكدا أن هذه العملة التراكمية أفضت إلى صياغة النسخة الأولية للدليل الوطني، التي يقدمها فريق المرصد خلال هذا اللقاء.
وشدد البصري على أن الدليل لا يقتصر على الجانب النظري، بل يقدم منظومة متكاملة لقياس الأثر تشمل الأسس المرجعية، وأنواع التقييم، وآليات بناء المؤشرات، ومنهجيات القياس، مع اعتماد “نظرية التغيير” كأداة أساسية لربط الإصلاحات بالنتائج.
واعتبر أن الهدف هو الانتقال من منطق “تتبع الأنشطة” إلى “قياس الأثر الحقيقي”، بما ينسجم مع المعايير الدولية وتوصيات مجلس أوروبا، وأضاف أن نجاح هذا المشروع رهين بانخراط القطاعات العمومية في ترسيخ ثقافة التقييم، مؤكدا التزام الهيئة بتطوير هذا الدليل ليصبح مرجعا وطنيا معتمدا في السياسات المقبلة لمحاربة الفساد.
وقد تطرق اللقاء الدراسي كذلك إلى الخلفيات العامة لمشروع الدليل العملي ومراحل تنزيله، حيث تم عرض خلاصات تقارير المرصد والدراسات المقارنة التي بني عليها الإطار المرجعي الجديد، كما أبرز المشاركون أهمية اعتماد أدوات تقييم موضوعية لقياس التغيرات وفهم أسبابها، واستثمار نتائجها في تحسين السياسات العمومية.