"الكاش" يقاوم تطوير الدفع الإلكتروني والانتقال الرقمي بالمغرب

الاقتصاد الوطني - 06-03-2025

"الكاش" يقاوم تطوير الدفع الإلكتروني والانتقال الرقمي بالمغرب

اقتصادكم

 

يعمل المغرب على مضاعفة الإصلاحات والمبادرات لتطوير الدفع الإلكتروني، لكن النقد "الكاش" لا يزال يحتفظ بمكانة مهيمنة، وبين التقدم التكنولوجي والحوافز والمقاومة المستمرة، يظل التحول إلى نظام دفع حديث تحديًا كبيرا يواجه صناع القرار.

ويعتمد جزء كبير من المغاربة بشكل كبير على المعاملات النقدية، وهي ظاهرة تعيق التحديث الاقتصادي وتحد من فعالية السياسة النقدية. وفي عام 2024، وصل حجم النقد المتداول إلى 414.4 مليار درهم، مسجلاً نمواً سنوياً بنسبة 5.2%. ورغم أن هذه الوتيرة تمثل تباطؤاً مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أنها تظل عند مستوى مرتفع، مما يعكس استمرار الطلب القوي على المعاملات النقدية والاعتماد المحدود على البدائل الرقمية.

ويؤكد التقرير السنوي لبنك المغرب حول البنى التحتية للأسواق المالية ووسائل الأداء هذا الاتجاه، مشيرا إلى أن النقود الورقية تمثل 30% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 مقابل 28% في عام 2022 و22% في عام 2019، وهو ما يعكس استمرار ارتفاع تداول النقد في الاقتصاد. وإلى جانب هذه القضايا البنيوية، فإن الإفراط في تداول النقد يؤثر بشكل مباشر على فعالية السياسة النقدية.

عندما يقوم البنك المركزي بتعديل أسعار الفائدة للتأثير على التضخم والاستثمار، فإن استمرار المدفوعات النقدية يقلل من انتقال هذه التدابير إلى الاقتصاد بأكمله. من الناحية النظرية، من المفترض أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة الرئيسية إلى إبطاء الاستهلاك والمديونية، ولكن إذا أفلت جزء كبير من التجارة من الدائرة البنكية، فإن تأثيرها يتضاءل. وعلى العكس من ذلك، فإن انخفاض أسعار الفائدة، الذي من المفترض أن يحفز الاستثمار، يصبح أقل فعالية عندما لا تعتمد الشركات التي تعمل بشكل رئيسي بالنقد على الائتمان البنكي. وعلاوة على ذلك، فإن التداول النقدي غير المنضبط يغذي الضغوط التضخمية، لأن الحجم المتزايد باستمرار من الأموال الورقية يمكن أن يؤدي إلى تسريع ارتفاع الأسعار.

وتؤدي هذه الظاهرة أيضاً إلى إضعاف قدرات التمويل لدى البنوك التي تواجه صعوبات في منح الائتمان للشركات والأسر بسبب مستوى الودائع المحدود، مما يؤدي بالتالي إلى إبطاء ديناميكية النمو. وإدراكاً لهذه التحديات، أوصى البنك الدولي باتخاذ عدد من التدابير لتسريع التحول إلى المدفوعات الإلكترونية وتقليل الاعتماد على النقد. وتشمل هذه التدابير إنشاء حوافز ضريبية لتشجيع التجار على اعتماد المدفوعات الرقمية، وخفض رسوم المعاملات للشركات الصغيرة والمتوسطة، ورقمنة المدفوعات الحكومية، والحد التدريجي من المدفوعات النقدية لتعزيز إمكانية تتبع التدفقات المالية.

ويلتزم بنك المغرب بشكل كامل بهذا النهج من خلال خطته الاستراتيجية 2024-2028، التي تهدف إلى تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني مع تحديث البنية التحتية المالية. يركز هذا التقرير على تطوير المدفوعات الرقمية، وخاصة من خلال صعود التكنولوجيا المالية وتوسيع حلول الدفع عبر الهاتف المحمول. وقد تم تحقيق تقدم كبير بالفعل في هذا الاتجاه. أدخل قانون المالية المعدل لعام 2020 تخفيضًا بنسبة 100٪ على رقم أعمال التجار الذين يستخدمون المدفوعات عبر الهاتف المحمول لمدة خمس سنوات، وهو إجراء تحفيزي يهدف إلى تسريع اعتمادها.

ومن جانبه، ساهم برنامج تيسير، الذي يهم ثلاثة ملايين تلميذ، في تسهيل دمج المدفوعات الرقمية في التحويلات الاجتماعية. وفي عام 2023، بلغت قيمة المدفوعات الرقمية في المغرب 2 مليار درهم، مع استخدام 30% من المغاربة للمعاملات الإلكترونية مقارنة بـ 17% فقط في عام 2017. وشكل إطلاق التحويل الفوري في يونيو 2023 خطوة كبيرة إلى الأمام، حيث تم تبادل 6.2 مليون معاملة بقيمة إجمالية تبلغ 21.2 مليار درهم في ستة أشهر فقط، مما يدل على اعتماد متزايد لحلول الدفع الرقمية. وقد تم اتخاذ تدابير ملموسة أخرى في الآونة الأخيرة. دخل إلزامية دفع الرسوم الجمركية والضرائب إلكترونيًا حيز التنفيذ، مما يعزز إمكانية التتبع ويقلل من استخدام النقد في المعاملات التجارية.

وعلاوة على ذلك، يجري تنفيذ إصلاحات لتعزيز تنظيم مكاتب الائتمان، ولا سيما من خلال دمج معالجة البيانات غير المالية من أجل السماح للأشخاص الذين لا يتوفرون على حساب بنكي بالوصول إلى الائتمان بسهولة أكبر. وتتعلق مبادرة أخرى قيد التطوير بتطوير إطار قانوني لتنظيم الأصول المشفرة، بهدف تنظيم استخدام العملات الرقمية واستكشاف إمكانات العملة الرقمية للبنك المركزي.

ويسلط تقرير بنك المغرب الضوء أيضًا على نمو المدفوعات عبر الهاتف المحمول والبطاقات البنكية. وفي عام 2023، بلغ عدد تراخيص الدفع عبر الهاتف المحمول 138,329، مقارنة بـ 100,433 في عام 2022. كما ارتفع عدد معاملات البطاقات البنكية بنسبة 14.2%. وتوضح هذه الأرقام التبني التدريجي لوسائل الدفع الإلكترونية، على الرغم من أن استخدامها لا يزال محدودا مقارنة بحجم النقد المتداول.

ورغم أن هذه التطورات تظهر رغبة قوية في تشجيع استخدام المدفوعات الإلكترونية، إلا أن العديد من العقبات لا تزال قائمة، أبرزها تفضيل النقد، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الثقة المحدودة في الأدوات الرقمية والافتقار إلى الوعي بالفوائد التي تقدمها. ويشكل عدم الثقة في أمن المعاملات الرقمية أيضًا عقبة كبيرة، حيث يخشى العديد من المستخدمين التعرض للاحتيال أو سرقة البيانات البنكية.

علاوة على ذلك، فإن التكاليف المرتبطة بالمعاملات الإلكترونية، على الرغم من انخفاضها بالنسبة لبعض فئات المستخدمين، لا تزال تثني بعض التجار والشركات الصغيرة والمتوسطة عن قبول وسائل الدفع هذه. ويضاف إلى ذلك أن إمكانية الوصول إلى البنية التحتية للدفع الإلكتروني لا تزال محدودة، وخاصة في المناطق القروية، حيث تظل الشبكة البنكية والاتصال غير كافيين. 

عن Finances News بتصرف