الوضع الاقتصادي: 2024 عام محوري للاقتصاد الوطني

الاقتصاد الوطني - 18-01-2025

الوضع الاقتصادي: 2024 عام محوري للاقتصاد الوطني

اقتصادكم

 

على الرغم من الجهود الكبيرة في الاستثمار العمومي والديناميكيات المالية الإيجابية، أظهرت سنة 2024 حدود نموذج النمو الذي يواجه تحديات هيكلية مستمرة، فضلاً عن قطاع فلاحي. فهل ستشهد سنة 2025 تحولًا حقيقيًا نحو نمو أكثر شمولا؟

انتهى عام 2024 بشكل متباين بالنسبة للاقتصاد الوطني، على الرغم من ظهور بعض المؤشرات المشجعة، إلا أن الصورة العامة لا تزال تطغى عليها التحديات الهيكلية سواء الداخلية أو المستوردة، بالإضافة إلى التوترات الاجتماعية التي تفاقمت بسبب الاختلالات في سوق الشغل (البطالة) وسوق السلع والخدمات (التضخم). وبالنظر إلى النمو الاقتصادي الذي بلغ أقل من 3%، كان تأثير الاستثمارات العمومية، التي تجاوزت 340 مليار درهم في مشاريع البنية التحتية، محدودًا على النمو.

علاوة على ذلك، ساهم الوضع العالمي المتوتر، مع الصراعات الجيوسياسية بين القوى الكبرى، في تفاقم هشاشة الاقتصاد الوطني، الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على شركائه الأوروبيين. وعلى الرغم من ذلك، أظهرت الميزانية الوطنية ديناميكية مالية قوية، حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 12% حتى نهاية نونبر 2024، بفضل الإصلاحات الأخيرة مثل دمج الأنشطة غير الرسمية في الدائرة الاقتصادية الرسمية، وتعديل ضريبة القيمة المضافة، ورفع الضرائب على الوقود عبر ضريبة الاستهلاك الداخلي (TIC). ورغم هذه الزيادات في الإيرادات، لا يزال الاقتصاد المغربي يواجه صعوبة في تحقيق النمو الشامل الذي يواكب التطلعات الاجتماعية المتزايدة.

القطاع الفلاحي: هل يشكل رافعة للنمو؟

يظل القطاع الفلاحي، الذي يوفر فرص العمل لحوالي 40% من السكان، نقطة ضعف في الاقتصاد المغربي. فقد فشل القطاع في لعب دور محوري في تحفيز النمو بسبب عدة عوامل، من أبرزها الجفاف المتكرر، وارتفاع التكاليف، والصعوبات في الوصول إلى الأسواق الدولية، بالإضافة إلى انخفاض الإنتاجية بشكل تاريخي. في هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي يوسف الكراوي إلى ضرورة إعادة تقييم الآليات التي يعتمد عليها تطوير القوانين المالية في السنوات المقبلة، مبرزًا أن الاستمرار في بناء التوقعات الاقتصادية على فرضيات مرتبطة بمحصول الحبوب وهطول الأمطار أصبح أمرًا قديمًا.

وعلى الرغم من التحديات، تظل هناك فرص لتحسين إنتاجية القطاع الزراعي، خصوصًا عبر تبني ثورة تكنولوجية في هذا المجال. يشمل ذلك تطبيق تقنيات الري الذكي، استخدام الطائرات بدون طيار، واعتماد بذور مقاومة لتغير المناخ، كما يظهر في تجربة شركة OCP Nutricorps. ولكن، بعيدًا عن هذه الابتكارات التكنولوجية، يظل التحدي الحقيقي في بناء طبقة وسطى قروية، وهو الطموح الذي يعكسه التوجه الملكي، والذي يركز على تعزيز هذه الطبقة في القطاع الفلاحي. ورغم الجهود المبذولة، يرى أستاذ الاقتصاد حسن إدمان أن هذا الطموح لا يزال بعيد المنال، مشيرًا إلى أن الأولوية الحالية يجب أن تكون توفير مصادر دخل مستدامة لصغار الفلاحين والفئات الفقيرة في المناطق القروية.

نظرة نحو 2025

في ضوء هذه التحديات، يبقى عام 2025 عامًا محوريًا. مع التوقعات بنمو اقتصادي يصل إلى 4.6%، يتبقى أن نرى ما إذا كان هذا النمو سيكون بداية لمرحلة ديناميكية أكثر إيجابية، مدفوعة بإصلاحات هيكلية عميقة وإدارة مالية أكثر شمولًا.