اقتصادكم - حنان الزيتوني
لفت الانتباه مؤخرا تراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج خلال النصف الأول من سنة 2025، في وقت اعتاد فيه هذا المؤشر أن يلعب دورا محوريا في دعم التوازنات المالية للمغرب، لاسيما على مستوى احتياطي العملة الصعبة.
تراجع في التحويلات
وبحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مكتب الصرف، بلغت تحويلات الجالية المغربية المقيمة بالخارج حوالي 55,86 مليار درهم إلى حدود نهاية يونيو 2025، مسجلة بذلك انخفاضا بنسبة 2,6% مقارنة مع الفترة نفسها من العام المنصرم، أي بخسارة إجمالية تقارب 1,48 مليار درهم.
هذا التراجع، وإن لم يكن كبيرا من حيث النسبة، إلا أنه أثار نقاشا واسعا في أوساط خبراء الاقتصاد حول العوامل البنيوية المؤثرة فيه. وفي هذا السياق، يوضح عبد الرزاق الهيري، أستاذ الاقتصاد ومدير مختبر تنسيق الدراسات والتوقعات الاقتصادية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن انخفاض تحويلات مغاربة المهجر مرده بالأساس إلى عاملين مترابطين: أولهما الضغوط التضخمية التي تشهدها بلدان الإقامة، ما يؤثر على قدرة الجالية على الادخار، وثانيهما غياب فرص استثمارية جذابة وآمنة في المغرب.
غياب فرص استثمارية
واعتبر الهيري في اتصال مع موقع "اقتصادكم" أن التحويلات لا يمكن قراءتها إلا في ضوء التحديات الاقتصادية العالمية، مؤكدا أن جزءا كبيرا منها يوجّه عادة لتغطية نفقات المعيشة، في حين يوظف جزء آخر في استثمارات محلية، أبرزها العقار. إلا أنه حذر من استمرار التعويل على هذا القطاع في ظل ما يواجهه من تعقيدات إدارية وضريبية، داعيا إلى فتح آفاق جديدة للاستثمار، خصوصا في القطاعات الإنتاجية.
كما شدد الخبير الاقتصادي على ضرورة إعادة تقييم السياسات العمومية تجاه الجالية، بما يضمن استدامة هذه التحويلات، ليس فقط كمصدر للعملة الصعبة، ولكن أيضا كرافعة تنموية ترتكز على كفاءات الجالية ومعرفتها العميقة بسياقات الاستثمار في الخارج. وأضاف أن تعزيز الثقة وتوفير أطر قانونية ضامنة يشكلان حجر الزاوية في هذا التوجه.
ورغم هذا التراجع النسبي، لم يستبعد الهيري إمكانية تعويض الفارق خلال النصف الثاني من السنة، بالنظر إلى طبيعة الموسم الصيفي الذي يشهد عادة ارتفاعا ملحوظا في التحويلات بسبب توافد عدد كبير من أفراد الجالية إلى أرض الوطن، ما قد يعيد التحويلات إلى مستوى العام الماضي مع متم 2025.