اقتصادكم - حنان الزيتوني
بعد آخر المعطيات التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط بخصوص توقعات تفاقم عجز الميزان التجاري المغربي خلال السنوات المقبلة، يطرح عدد من الخبراء تساؤلات حول قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة هذا التحدي، في ظل تباطؤ الصادرات وارتفاع وتيرة الواردات بفعل الطلب الداخلي القوي.
وقد أظهرت توقعات المندوبية انتقال العجز من 19,1% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2024 إلى 19,8% سنة 2025، ليصل إلى 20,1% في أفق 2026، وهو ما ينذر بضغط متزايد على التوازنات الخارجية، خصوصا في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتراجع النمو لدى الشركاء الأوروبيين. وفي المقابل، تراهن المندوبية على حفاظ بعض القطاعات التصديرية، مثل الفوسفاط والصناعات الغذائية، على أدائها الجيد بفضل الطلب العالمي والامتثال للمعايير البيئية.
رؤية مستقبلية
وتعليقا على هذه التوقعات، أكد الخبير الاقتصادي محمد جدري أن المغرب يعتمد على رؤية تنموية بعيدة المدى، ترمي إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام إلى 260 مليار دولار في أفق 2035.
ولتحقيق ذلك، أشار الخبير في اتصال مع موقع "اقتصادكم"، إلى أن الاقتصاد الوطني يحتاج إلى مرحلتين من النمو: الأولى تمتد إلى سنة 2026 بنسبة تتراوح بين 4% و5%، والثانية أكثر تسارعا، ما بين 6% و9% خلال الفترة من 2026 إلى 2035.
نمو واقعي
وأوضح جدري أن نسبة النمو الحالية التي تقترب من 4.4% تبقى إيجابية ومهمة، خاصة فيما يتعلق بخلق الثروة، وفرص الشغل، والقيمة المضافة.
ولفت إلى أن هذا الأداء يرتبط بانتعاش عدد من القطاعات، على رأسها الصناعات التحويلية (كالنسيج، الطائرات، والصناعات الغذائية)، إلى جانب قطاع السياحة الذي يشهد دينامية واضحة.
محرك داخلي
وأشار الخبير إلى أن عاملين أساسيين يقفان وراء وتيرة النمو الحالية: أولا، تسارع الاستثمار العمومي، خاصة في البنيات التحتية الكبرى، حيث بلغت الاستثمارات حوالي 48 مليار درهم.
وثانيا، قوة الطلب الداخلي، الذي استعاد زخمه بفعل تراجع التضخم إلى مستوى يتراوح بين 1% و2%، مقابل 6,6% خلال سنتي 2022 و2023.
دعم اجتماعي
كما أرجع جدري تحسن الطلب الداخلي إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، مدفوعا بالحوار الاجتماعي والزيادات المرتقبة في أجور الموظفين (1000 درهم للموظفين و1500 درهم للأساتذة)، بالإضافة إلى تخفيف الضغط الضريبي، واستمرار برامج الدعم المباشر للأسر، التي تستفيد من تحويلات تصل إلى 900 درهم سنويا.
وأكد المتحدث ذاته، أن الاستثمار العمومي والطلب الداخلي سيواصلان دعم النمو خلال السنوات المقبلة، خاصة مع الاستعدادات المتسارعة لتنظيم مونديال 2030، مما يعزز جاذبية المغرب ويحفز تدفقات رؤوس الأموال والمشاريع الكبرى.