اقتصادكم
أثرت قرارات المجلس الإداري لبنك المغرب المتوالية لرفع سعر الفائدة الرئيسي، في الأجندات التجارية للمجموعات البنكية بالسوق، وكذا المنتوجات التي تراهن على ربحية من تسويقها، على رأسها القروض، لتبحث هذه البنوك عن مجال آخر لإعادة التوازن. يتعلق الأمر تحديدا بأنشطة "التأمين البنكي"، التي أصبحت تمثل حصان السباق الجديد بينها.
وتنوعت حاليا عروض التأمين البنكي (منتوجات التأمين المسوقة من طرف المؤسسات البنكية) (bancassurance)، لتشمل العديد من المجالات المرتبطة بالحياة المهنية والاجتماعية والأسرية للأفراد. وساهمت المنافسة بين المؤسسات البنكية وشراكتها مع مختلف شركات التأمين، بل إن المجموعات البنكية أنشأت فروعا لها في قطاع التأمينات، في إنعاش هذا السوق. وتعمل من خلال شبكات وكالاتها البنكية على تسويق هذه المنتوجات لزبنائها، الذين يتوفرون على حسابات بهذه المؤسسات.
وتعرض المؤسسات البنكية سلة من منتوجات التأمين المرتبطة بالنشاطات المهنية أو تلك المتعلقة بالتقاعد الأساسي أو التكميلي أو التأمين على الحياة. وتختلف العروض من مؤسسة إلى أخرى، ويكمن الاختلاف في التصور، فقط، في حين أن المنتوجات تظل متشابهة في مجملها.
وفي هذا لإطار، تسوق المؤسسات البنكية منتوجات تهم التأمينات عن القروض أو مخططات الادخار سواء للشخص المنخرط أو لأفراد عائلتهن فيسمح هذا التأمين بتكفل الشركة المؤمنة بأداء الأقساط الشهرية. وعرف هذا النوع من التأمين ارتفاعا ملحوظا، خاصة مع الطفرة التي عرفها قطاع التأمين، إذ تلزم المؤسسات البنكية، من أجل منح قرض لاقتناء شقة، الاكتتاب في تأمين لضمان تسديد القرض، وأصبح هذا النوع من التأمين شبه إجباري، إذ لا يمكن الاستفادة من القرض ما لم يكن هناك تأمين يضمن للمؤسسة البنكية تحصيل القرض الذي تمنحه.
لكن هناك منتوجات أخرى تظل اختيارية، مثل التأمين على الحياة، الذي يسمح بتعويض ذوي الحقوق في حالة وفاة الشخص المؤمن، ويتوقف التعويض على مبلغ الاكتتاب الشهري، الذي يحدده الراغب الانخراط في هذا المنتوج، إذ يمكن، حسب قيمة المساهمات، أن يتراوح مبلغ التعويض ما بين 30 ألف درهم إلى مليون و500 ألف، بل مليوني درهم، في حالة الوفاة أو العجز.
في السياق ذاته، تعرض بعض المؤسسات البنكية تأمينا على الحسابات البنكية، إذ في حالة الوفاة تتكفل الشركة المؤمنة بتصفية الحساب المدين للشخص الهالك المكتتب في هذا التأمين، ويشمل هذا التأمين مختلف أنواع الحسابات مثل حسابات الشيك أو الجارية أو الحسابات على الدفتر أو الحسابات بالدرهم القابل للتحويل...ويمكن هذا النوع من التأمين من تغطية الديون المترتبة على هذه الحسابات، إضافة إلى تعويض لذوي الحقوق تختلف قيمته، حسب القسط، الذي يختاره الشخص الراغب في تأمين حسابه، ويمكن أن يضاعف هذا التعويض في حال إذا كانت الوفاة أو العجز ناتجان عن حادث.
إلى جانب هذه التأمينات المرتبطة بالوفاة أو العجز، تسوق المؤسسات البنكية منتوجات أخرى مرتبطة بالتقاعد الأساسي التكميلي، إذ يمكن لأي شخص الاكتتاب في هذا المنتوج ابتداء من 100 درهم في الشهر، ويوظف هذا الادخار من طرف المؤسسة المسوقة للمنتوج في السوق المالي، ويتوصل صاحب التأمين على رأس كل سنة بقائمة تحدد رأسمال الاكتتاب والفوائد، ويمكن أن يحدد الشخص المعني سقف السن الذي يمكنه من الاستفادة من تقاعده، الذي تتوقف قيمته على مستوى القسط الشهري الذي حدده سلفا، كما يمكنه أن يحصل بشكل مسبق على رأس المال المدخر على شكل تسبيقات أو شراء الادخار. وفي حال الوفاة يمنح الادخار للشخص الموصى به أو إلى ذوي الحقوق. ويستفيد المكتتب في هذا المنتوج من تحفيزات جبائية، من خلال خصم الأقساط المحولة لهذا الحساب من الأجر الإجمالي الخاضع للضريبة.
في السياق ذاته، تعرض المؤسسات البنكية منتوجات متعلقة بالتأمين الصحي، من خلال عدد من العروض المتعلقة بالتغطية الصحية والتي تستجيب لمختلف إمكانيات الأسر، إذ يمكن الاكتتاب في هذه المنتوجات ابتداء من 6 دراهم في اليوم، وبناء على المبالغ المستثمرة في هذه المنتوجات يتحدد مبلغ التعويضات، التي يمكن أن تتراوح حدودها القصوى ما بين 30 ألف درهما و150 ألفا، وتشمل التعويضات الاستشارات الطبية، وتكاليف الأدوية، والتحاليل الطبية، والفحوصات بالأشعة، وعلاجات تقويم الأسنان، وأجهزة تقويم العظام والجراحة، وذلك حسب نوعية العقود المبرمة بين المؤسسات المسوقة لهذه المنتوجات والراغب في الاكتتاب فيها.
بالموازاة مع ذلك تسوق البنوك عقودا للتأمين تهم تقديم المساعدة للمكتتبين في هذه المنتوجات، وذلك في ما يتعلق بالأعطاب التي يمكن أن تلحق بالسيارات، أو المساعدات لتلقي العلاج، وعدد من الخدمات الأخرى التي تدخل في هذه الخانة.
وهناك بعض المؤسسات البنكية التي نوعت من عروضها، وتسوق في إطار منتوجات "التأمين البنكي" عروضا أخرى لاستثمار المدخرات، إذ يمكن تكوين ادخار من خلال تحديد أقساط شهرية، حسب الإمكانيات المتاحة، ويمكن هذا المنتوج من تثمين الرأسمال المدخر، إذ يمكن أن يصل متوسط معدل الفائدة السنوي إلى 5.5 %، وذلك حسب مدة الاكتتاب.
ومن خلال جدول المحاكاة الذي تقدمه أحد البنوك، يمكن رأسمال في حدود 58 ألف درهم من فائض قيمة يصل إلى أزيد من 25 ألف درهم على مدة رسملة في حدود 8 سنوات، في حين يمكن أن يناهز الفائض 700 ألف درهم، إذا كانت مدة الرسملة تعادل 12 سنة والرأسمال المكتتب مليون درهم. ويتوصل المكتتب في هذا النوع من الادخار بوثيقة جرد سنوية تحدد تفاصيل الحساب من رأس المال المثمن ومعدل الفائدة المؤدى من طرف المؤسسة المسوقة لهذا المنتوج.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الادخار يستفيد بدوره من التحفيزات الجبائية، من قبيل إعفاء فائض القيمة المحصل عليه من الضريبة على الدخل، على ألا تقل مدة الاكتتاب ثماني سنوات.
وعموما، يمكن تلخيص منتوجات "التأمين البنكي" في ثلاثة فروع أساسية تهم الاحتياط الاجتماعي والتأمين الصحي والسيارات ومخططات الادخار والتقاعد. وتتوزع هذه الفروع تحت مسميات مختلفة على عدد من المنتوجات المشتقة.