اقتصادكم - مهدي حبشي
معطيات مقلقة تلك التي كشف عنها المجلس الأعلى للحسابات بشأن قطاع الدواجن في المغرب؛ 92 في المئة من لحوم الدواجن الحية تسوق عبر المذابح التقليدية (الرياشات)، "حيث تتم عملية الذبح دون احترام شروط النظافة وفي غياب الرقابة الصحية البيطرية".
يأتي هذا بعد أخذ ورد بشأن تلك "الرياشات"، التي يفضل المهنيون تسميتها بـ"مذابح القرب"، والتي أعلِن منذ بضع سنوات عن تخصيص منحة 30 ألف درهم من قبل وزارة الصناعة والتجارة بغاية تأهيلها.
ووفقاً للفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن بالمغرب، فإن 80 في المئة منها تباع بـ"الرياشات"، وهي بذلك الموزع الأكثر انتشارا والأكثر تسويقا للمنتوج الوطني من الدجاج والديك الرومي، ويفوق عددها 15.000 وحدة.
"المذابح التقليدية أكثر صحية من غيرها"..
من جهته، طمأن محمد أعبود، رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، في تصريح لـ"اقتصادكم"، إلى كون "المذابح التقليدية" أو "الرياشات"؛ صحية أكثر من غيرها بالنظر لكون الدواجن تباع حية.
"الدواجن تدافع عن جودتها ذاتياً حين تكون على قيد الحياة، وخير دليل على ذلك مشكلة اخضرار اللحوم، التي شهدها المغرب منذ بضع سنوات، حين فقدت اللحوم جودتها بعد أقل من ساعتين عن الذبح".
وأوضح أعبود أن تقرير المجلس الأعلى استند إلى معطيات متاحة، دون أن يكلف نفسه عناء التواصل مع المربين.
من جهته، يعتبر المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أن المنتجين المعتمدين هم ذوو الجودة، "على أن ذلك يحمل في طياته مغالطة كبيرة" يؤكد أعبود.
وضرب المتحدث مثالاً على ذلك: "هل هؤلاء المعتمدون مثلاً يضمنون الحفاظ على اللحوم في درجة حرارة تتراوح بين 0 و3 درجات كما يوصي بذلك القانون؟".
وأوضح تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن ذبح وإعداد لحوم الدواجن يعد "الحلقة الأضعف في السلسلة". مضيفاً أنه بالرغم من التدابير الحازمة التي واكبت المخطط المديري الوطني للمجازر الصناعية للدواجن، وكذا تلك التي تلت دخول القانون رقم 49.99، المتعلق بالوقاية الصحية لتربية الطيور الداجنة، فإن هذه المجهودات لم تبلغ بعد الأثر المتوخى في هذا المجال.
وتشير المادة 3 من القانون المذكور إلى أنه لا يُسلم ترخيص بمزاولة أي نشاط اقتصادي متعلق بالدواجن، بدءً من التربية وصولاً إلى البيع، دون احترام شروط الصحة والنظافة الخاصة بالمحلات والمعدات.
المجلس رأى في التعجيل بتأهيل وحدات الذبح التقليدي، أو تحويلها لتتوافق مع المعايير الصحية التي تقتضيها النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، حلا للمشكلة.
مخاطب الحكومة الوحيد لا يمثل كل المهنيين
وكانت الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن، قد عقدت منتصف عام 2018، مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش (إبان شغله لمنصب وزير الفلاحة)، اجتماعاً تمخضت عنه دورية تحدد شروط نقل وتسويق الدجاج الحي، والشروط الصحية الواجب توفرها في وحدات القرب لذبح الدواجن الموجهة حصريا لاستهلاك الأسر.
بيد أن أعبود يحمّل الفيدرالية نفسها مسؤولية تردي أوضاع القطاع، والتي تتخذها وزارة الفلاحة مخاطباً وحيداً بين المهنيين: "الفدرالية وضعت حاجزاً بين المربين وبين الوزارة، وهي تمثل المنتجين الكبار دون غيرهم".
وأضاف المتحدث أن "الفيسا" وقعت عقدتي برنامج مع الحكومة، ركزت الثانية (2011-2020) على التسويق والتهيئة دون أن تظهر أي نتائج بعد مضي عامين على انتهاء مدة العقدة.
وقال إن الفيدرالية المذكورة يتحكم فيها المنتجون الكبار، بعدما انسحب منها الفلاحون والمنتجون الصغار سنة 2003.
وخلص أعبود إلى أن المربين والمستهلكين باتوا الآن في مواجهة لوبي احتكاري، يتعمد إشاعة هذه المعطيات المغلوطة، لضرب سمعة المربين والمنتجين الصغار، وذلك بغاية سيطرة بضعة وسطاء كبار على السوق، على حد تعبيره
ويرى مهنيون أنه لا يمكن التخلص من (الرياشات)، باعتبار أنها تؤدي دورا مهما في تسويق منتجات الدواجن، في الأحياء الشعبية وفي صفوف الشرائح الاجتماعية التي تقطنها، ما يعني أن الحل الوحيد هو تحسين ظروف الذبح داخلها، بغاية الرقي بجودة المنتجات المعدة على مستوى هذه المرافق.