ضعف التسويق الفلاحي يقلل من إنجازات "المغرب الأخضر"(فيديو)

الاقتصاد الوطني - 06-01-2022

ضعف التسويق الفلاحي يقلل من إنجازات "المغرب الأخضر"(فيديو)

فلاحان يتحدثان لاقتصادكم عن تحديات المرحلة بعد تأخر الأمطار

اقتصادكم - مهدي حبشي

نجح المغرب بفضل مخطط "المغرب الأخضر" في تأمين اكتفائه الذاتي، بل تحقيق وفرة إنتاجية في المواد الفلاحية الأساسية. إلا أن الخبراء يحذرون من النتائج العكسية لوفرة الإنتاج على المنتِجِين، إذا لم تتوفر آلية جيدة للتسويق.  

وحقق القطاع الفلاحي إنتاجية جيدة، حتى في عز جائحة "كورونا"، وفق ما يستفاد من كلمة سابقة لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بداية عام 2021، إبان شغله منصب وزير الفلاحة. والذي أكد تحقيق المغرب اكتفاءه الذاتي من الخضر والفواكه واللحوم الحمراء والبيضاء، فضلاً عن البيض والحليب ومُشتقاته... 

وأثنى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أثناء جلسة الأجوبة المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين، الثلاثاء 6 يناير 2022، على نجاح مخطط المغرب الأخضر في رفع صادرات الفلاحة المغربية إلى حوالي 40 مليار درهم سنة 2019. وهو ما يعادل 2.8 أضعاف القيمة المسجلة سنة 2009، والتي لم تكن تتجاوز 14 مليار درهم. علاوة على خلق 342 ألف منصب شغل في القطاع، ورفع عدد أيام العمل في السنة من 110 إلى 140 يوما، بفضل تنوع المحاصيل والإنتاج الفلاحي.

وإذا كان الفضل في معالجة مشكلة الإنتاج يعود لمخطط "المغرب الأخضر"، فإن التسويق ما زال يُمثل "كعب أخيل" بالنسبة للفلاحين والتعاونيات الفلاحية. وفق ما يراه الخبير والمستشار الفلاحي رياض وحتيتا.

الوسطاء يقضمون ربح الفلاحين

إن غياب مؤسسة رسمية تضطلع بدور تسويق وتدبير المنتجات الفلاحية، ساهم في انتشار طرق البيع المباشر وهيمنتها على السوق الفلاحية، وأفسح المجال أمام وسطاء وفاعلين بدون قيمة مضافة بين المُنتِج والمستهلك. يقول الخبير في تصريح لـ ’’ اقتصادكم’’.

ليضيف أن هؤلاء الوسطاء، ’’ يُعقدون سيرورة التسويق ويقضمون هامش ربح الفلاحين على نحو مؤثر.’’

وتقوم وكالة التنمية الفلاحية في هذا السياق، بحملات ترويجية لبعض المنتجات الزراعية المغربية، غير أنها حملات تختص بمنتوجات مجالية معينة، كالتمور وزيت الزيتون، وخلال فترات دقيقة تعرف إقبالاً عليها كشهر رمضان ونهاية السنة.

ولا يتمتع الفلاحون، الصغار والمتوسطون خصوصاً، بالمؤهلات اللازمة للوصول إلى الفئة الواسعة من المستهلكين. ما يجعل وفرة الإنتاج تأتي بنتائج عكسية في كثير من الأحيان، بل تؤدي لخسائر جسيمة. وقد دفع الأمر بعض الفلاحين لخفض إنتاجاتهم في السنوات الموالية، سيما في ظل العجز عن تغطية المساحات الزراعية الكبرى.

واستقت اقتصادكم أراء مجموعة من الفلاحين، الذين أجمعوا على كون العجز التسويقي المذكور لا يؤدي فقط لخفض الإنتاج، بل يساهم في تراكم الديون وتردي أوضاعهم المادية، وفي حالات كثيرة للإفلاس، سيما خلال المواسم الفلاحية الأقل جودة.

مكتب وطني للتسويق والتدبير

يرى الخبير وحتيتا أن المغرب في حاجة ماسة لخلق مكتب وطني يُعنى بهذا الدور، بموجب مرسوم، وتمتيعه بالصفة المعنوية والاستقلال المالي، فضلأً عن وضعه تحت وصاية وزارة الفلاحة.

وبوسع هذا "المكتب الوطني لتسويق وتدبير المنتجات الفلاحية" الاضطلاع بأدوار مهمة أخرى، مثل ضبط الأسعار ضمن السوق الداخلية خلال الفترات غير الموسمية. ذلك أن السوق المغربية تتأرجح بين مواسم وفرة وندرة على اختلاف المنتجات.

"بوسع المؤسسة المذكورة أن تشتري كميات مهمة مباشرة من الفلاحين خلال مواسم الجني والوفرة، فتجنبهم الخسائر المتعلقة بالوساطات بينهم وبين المستهلكين. وفي الوقت نفسه يمكنها تخزين المشتريات، ثم إدراجها في السوق المحلية خلال مواسم النُدرة، ما يضمن توازن السوق ويحفظ القدرة الشرائية للمستهلك". يضيف الخبير.

ويشير وحتيتا إلى أن هذا المكتب، إن رأى النور، سيُساهم كذلك في تسويق المنتوج الفلاحي المغربي خارجياً، عبر خلق مخزون سنوي للمنتوجات الفلاحية الموجهة للتصدير، وعبر التواجد في المعارض الفلاحية الدولية كممثل رسمي للمغرب.

ويخلص الخبير إلى أن التسويق الجيد للمنتجات الفلاحية المغربية، يتطلب إعداد دراسات للتعرف على مكونات الفروع الإنتاجية ومستوياتها، ما سيسهل على وزارة الفلاحة والتنمية القروية إنجاز وتنزيل برامج تنموية دقيقة، وفي احترام المصالح الاقتصادية لكل أطراف الفرع الإنتاجي علاوة على المستهلك.

حل للفروع الإنتاجية التي تعاني العجز؟

فلاحون بمنطقة "سيدي المكي"، نواحي مدينة برشيد، وهي منطقة مشهورة بإنتاج الحبوب، التي لا يوفر المغرب سوى 65 في المئة من حاجياته منها، لم ينفوا أن تسويق منتوجاتهم بشكل أفضل سيرفع قدرتهم على الاقتراض وتسديد الديون، ويحسِّن علاقتهم بالأبناك والموردين، ويشجعهم من ثمة على مزيد من الاستثمار.

جدير بالذكر أن رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، كان أكد خلال كلمة بمجلس النواب منتصف عام 2018، على أن حكومته اتخذت تدابير لحل إشكالية تسويق المنتجات الفلاحية. في مقدمتها تشجيع المنتِجين على الانخراط في تعاونيات أو مجموعات للتسويق الجماعي للإنتاج، وتصريف المنتوج بعد تثمينه.

كما ذكر أن حكومته عمدت لإصلاح شامل لأسواق الجملة، بخفض عددها من 38 إلى 32 سوقاً، وتجهيزها ببنيات تحتية عصرية وتوزيعها بشكل متوازن على التراب الوطني.