هل ستستطيع الحكومة خلق ربعِ مليون منصب شغل كل سنة؟

الاقتصاد الوطني - 20-12-2021

هل ستستطيع الحكومة خلق ربعِ مليون منصب شغل كل سنة؟

حورية خير الله

حمل البرنامج الحكومي العديد من الوعود المهمة، غير أن أبرزها خلق مليون منصب شغل، الذي أثار موجة من الانتقادات خاصة بعد الإعلان عن معدل نمو لا يتجاوز 3,2 في المائة.

مناصب الشغل المعلن عنها ومعدل النمو وُصفت بكونها لا تتماشى مع الرهانات الاقتصادية والاجتماعية، كما أن المعدل المعلن عنه سيمكن من خلق مناصب شغل ضئيلة وبالتالي استمرار تفاقم مشكل البطالة.
غياب إشارات إيجابية

في ارتباط بالموضوع قالت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين إن معدل النمو في نسبة 3,2 في المائة هو معدل يعادل النسب المحققة في السنوات التي سبقت الأزمة، وهو بذلك لا يمثل قطيعة مع الماضي.

وأبرزت الجهة عينها أن ذلك لا يتضمن إشارات إيجابية بما فيه الكفاية للفاعلين الاقتصاديين، فالإعلان عن معدل نمو

طموح غير مرتبط بالفلاحة سيكون أكثر تحفيزا للفاعلين الاقتصاديين الذين يتعين عليهم مشاركة جماعية بهدف الانتعاش الاقتصادي.

كيف يمكن ذلك؟

من جانبها أصدرت حركة "معا" قراءة في مشروع قانون المالية، واعتبرت أن رقم 125 ألف منصب شغل الذي سيتم خلقه خلال السنة القادمة، رقما يطرح تساؤلين مهمين.

ويكمُن التساؤل الأول في كيف تم خلق هذا الرقم بنسبة النمو المعلنة حيث إن كل نقطة نمو تخلق أزيد من 39 ألف منصب شغل، علما أن المعدل الحالي لا يتعدى 25 ألف منصب شغل لكل نقطة نمو.

أما الثاني، وفقا لحركة "معا" يتمثل في كيفية تحقيق رقم مليون منصب شغل الذي أعلن عنه في البرنامج الحكومي خلال 5 سنوات أي بمعدل 200 ألف منصب، الذي يفوق الرقم المعلن عنه ب 75 ألف منصب، رغم الجهد الاستثماري الاستثنائي غير المسبوق خلال هذه السنة.


تناقض وآثارٌ غائبة

وأوردت الجهة عينها أنه علاوة على الأرقام المعلنة، تستمر الحكومة في سياسة التوظيف الجهوي دونما تأطير قانوني مناسب بخلق 17 ألف منصب في قطاع التعليم يتم تمويلها من نفقات المعدات.

مما يتناقض مع البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، ويؤجل الحسم في ملف يتخذ شكل كرة ثلج تتضخم في قطاع حيوي يخوض رهان الإصلاح بتنزيل مضامين القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين، بحسب "معا".

ومن جهة ثانية، تقول "معا" إنه على الرغم من أن الأرقام الرسمية حول نسب النمو إلا أن المواطن لا يلمس آثارها على أرض الواقع، فلماذا يعجز المغرب عن تحقيق نسبة نمو تمكنه من إحداث مناصب شغل وتحسين الدخل لتعزيز القدرة الشرائية؟.

لن تتحقق الوعود !

ويرى حزب الاتحاد الاشتراكي أن نسبة النمو التي تم تحديدها في 3.2% تعبر عن غياب الطموح والإبداع كذلك، وهي نسبة لن تسمح بخلق مناصب الشغل الموعود بها، والتي هي هزيلة من الأصل، قياسا إلى مناصب الشغل التي فقدت بسبب تداعيات كورونا.

وأضاف حزب الوردة في اجتماع لمجلسه الوطني في 20 نونبر الماضي، أن هذه النسبة لن تمكن في أفضل الأحوال من تحقيق سوى حوالي 70 ألف منصب شغل، وليس 125 ألف الموعودة في مشروع قانون المالية.

الرقم يبقى بعيدا عن 250 ألف منصب شغل سنويا المذكورة في التصريح الحكومي، مع العلم أننا فقدنا حوالي مليون منصب شغل خلال الجائحة، وفقا للجهة ذاتها.

وقال الأمين العام للحزب ادريس لشكر، إن نسبة النمو هاته مبنية بدورها على احتمالات لسنا من نتحكم فيها، أي لسنا من سنتحكم في مخرجات السنة الفلاحية، لأن ذلك من علم الغيب.

وأبرز لشكر أن متوسط أسعار المنتوجات الطاقية التي قدمها مشروع قانون المالية كفرضيات، هي متفائلة حد المبالغة، وبعيدة عن الأرقام التي يقدمها الخبراء والتي تتوقع تصاعدا في الأثمنة، ومن مؤشرات ذلك أن ثمن الغاز اليوم في السوق الدولية هو ضعف الرقم المطروح في مشروع قانون المالية.

انخفاض طفيف في أعداد العاطلين 

أظهرت الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، انخفاضا في أعداد العاطلين، وأن معدل البطالة انخفض ما بين الفصل الثالث من سنة 2020 ونفس الفصل من سنة 2021، بـ 0,9 نقطة، منتقلا من 12,7 في المائة إلى 11,8 في المائة.

وأوضحت المندوبية في مذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل، أن هذا الانخفاض في معدل البطالة على المستوى الوطني هم كلا الوسطين، منتقلا من 16,5 في المائة إلى 16 في المائة بالوسط الحضري، ومن 6,8 في المائة إلى 5,2 في المئة بالوسط القروي

استمرار البطالة في صفوف حاملي الشهادات

ومن أبرز المعطيات الرئيسية الواردة في المذكرة الإخبارية لمندوبية التخطيط، أن الأشخاص حاملي الشهادات لا يزالون يواجهون صعوبة في الحصول على عمل.

فقد سجل معدل البطالة لدى هذه الفئة استقرارا بالمقارنة مع المعدل الذي سجل في نفس الفصل من السنة الماضية 18,7 في المائة، ويشمل هذا الاستقرار ارتفاعا في صفوف الحاصلين على شهادات ذات مستوى عالي يقدر بـ 2,2 نقطة 25,7 في المئة.

 وانخفاضا بـ 1,4 نقطة في صفوف الحاصلين على شهادات ذات مستوى متوسط 14,7 في المائة، وانتقل معدل البطالة لدى الأشخاص الذين لا يتوفرون على أي شهادة من 6,9 في المائة إلى 4,4 في المائة.