اقتصادكم - مهدي حبشي
أجمع خبراء وباحثون على أن اختزال العالم القروي بالمغرب في بعده الفلاحي يضر التنمية بتلك المناطق.
وأصبح موضوع التنمية القروية والسياسات العمومية الموجهة للعالم القروي أكثر إلحاحا في الآونة الأخيرة، سيما بعد تضرر الاقتصاد الفلاحي الوطني من مخلفات الجفاف، وفقاً لمتدخلين في ندوة حملت عنوان "هل من حياة في البادية؟"، اليوم الأربعاء 30 مارس.
وأكد العربي الزكدوني، المختص في الاقتصاد القروي والفلاحي، أن العالم القروي ما زال غير حاضر كموضوع للسياسات العمومية في المغرب، مشدداً على أن الأخيريُعاني من اختزاله في البعد الإنتاجي أي الفلاحي.
وشدد المتحدث على أن المغرب رام منذ البداية جعل الفلاحة محركاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما جعل كل الاستراتيجيات الموجهة للعالم القروي تعكف على التنمية الفلاحية دون أخذ مختلف أبعاد تلك المناطق التي تأوي نحو 40 في المئة من المغاربة.
وأوضح أن هذه المقاربة جعلت السياسات العمومية غير متوازنة، وتسير بمنطق "المغرب النافع"، إذ ركزت على المناطق ذات الإمكانيات الانتاجية العالية والتي تتوفر على موارد طبيعية تؤهلها للعب الأدوار التنموية المذكورة.
"تم التركيز على المناطق السقوية و الأراضي البورية ما أنتج معالجة غير متوازنة لسائر المناطق القروية" يؤكد الزكدوني.
من جهته شدد طارق أقديم، المختص في التنمية المجالية على كون العالم القروي يشهد حالة من عدم التوازن تصل حد التناقض، سيما أنه يصعب تحديده جغرافيا أو حتى وضع حصيلة للسياسات العمومية الموجهة له، ما يعسر مهمة التفكير في مستقبله.
وانتقد المتحدث تعدد المتدخلين في وضع وتنفيذ السياسات العمومية الموجهة للعالم القروي، مؤكدا أن ذلك من أبرز عيوبها، مضيفاً: "لقد كانت تلك السياسات قطاعية ولم تشتغل بمقاربة ترابية".
ولاحظ الخبير أن البرامج الأكثر نجاعة وتأثيرا في العالم القروي، وفي مقدمتها إدخال الكهرباء وتنمية الطرق القروية، تميزت بضيق حلقة المتدخلين، وأنه كلما قل عدد المتدخلين في البرنامج كانت نجاعته أكبر.
ولفت إلى أن صعوبة التدخل في العالم القروي تتجلى في كونه مشتتاً ومتباينا بين "دوار" وآخر، وكذا بالنظر إلى تغير الساكنة المستمر.
وطالب الزكدوني بضرورة عدم الاقتصار على الفلاحة كنشاط اقتصادي للعالم القروي، داعياً إلى وضع استراتيجية لتنويع الاقتصاد القروي.
"المشكلة في الاعتقاد أننا نستطيع تلبية حاجيات المغرب التنموية بالفلاحة الوطنية فقط، وهذا تصور خاطئ، لأننا من جهة نعيش في بلد نصف جاف ولديه مشاكل عديدة في تدبير موارده المائية". يؤكد المتحدث مضيفاً "كما ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن الفلاحة لا تشكل سوى 12 في المئة من الناتج الداخلي الخام للمغرب في وقت تستهلك لوحدها نحو 40 في المئة من الساكنة النشيطة".
وبدوره اعتبر زكرياء القادري، الباحث في علم الاجتماع، أنه "لا ينبغي النظر إلى مشاكل العالم القروي كما لو كانت معزولة عن المشاكل العامة للمجتمع المغربي". مضيفاً أن الاستجابة لحاجيات البادية يمر عبر الاستجابة للحاجيات الحضرية كذلك.
وأوضح أن العالم القروي بات ينحو بدوره إلى نمط عيش حديث ويقرب من النمط الحضري، بفضل التعليم والتكنولوجيات الحديثة ووسائل النقل التي زادت التفاعل بين المجالين.
واعتبر بدوره أن توجه السياسات العمومية لدعم الفلاحة السقوية خلق نوعاً من عدم التجانس في العالم القروي، ولم يسمح بإدماج كل الساكنة القروية. مضيفاً أنه ينبغي عدم اختزال العالم القروي في دوره الإنتاجي والفلاحي، مع إهمال باقي الوظائف التي يلعبها وفي مقدمتها الوظائف البيئية.