اقتصادكم - مهدي حبشي
أظهرت ورقة بحثية أن المياه الإقليمية للمغرب ستضطلع بأهمية استراتيجية قصوى مستقبلاً على الصعيدين الاقتصادي والطاقي، مما يتطلب تجديد التصور الاستراتيجي للمغرب، بغاية تأمين واستغلال أفقه البحري.
البحث الصادر عن "مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد"، اعتبر أنه بالنظر لهوامش النمو الكبيرة في مجال النقل البحري الدولي، فإن المغرب أصاب بالاستثمار في القطاع، ما سيمكنه، على المدى الطويل، من التموقع كرائد في القارة الأفريقية على مستوى النقل البحري واللوجستيك المينائي.
ويرى مؤلف البحث، يوسف توبي، المختص في السياسات والحكامة بالمنطقة المغاربية، أن بوسع المغرب استغلال مياهه الإقليمية لخدمة طموحاته الاقتصادية والاستراتيجية، شريطة الاندماج بشكل أكبر في شبكات وسلاسل القيمة الدولية، وعبر وضع استراتيجيات بحرية مدعمة بكفاءات بشرية مؤهلة، وتمويلات كافية.
وأكدت الورقة البحثية، التي حملت عنوان "إضفاء الطابع البحري على العالم والساحل الأطلسي الأفريقي: أي مكانة للمغرب؟"، أن الأخير قطع أشواطاً كبرى في مجال تنمية اتصالاته البحرية، إذ بات الثاني أفريقيا، (بعد مصر)، ويحتل المرتبة 22 عالميا (بعدما كان في المرتبة 81 في سنة 2006).
وأضاف أن هذا التطور راجع بالأساس إلى الجهود الاستثمارية خلال السنوات الـ20 الماضية، وفي مقدمتها إطلاق ميناء "طنجة المتوسط 1" سنة 2007، ثم "طنجة المتوسط 2" سنة 2019.
وبات ميناء طنجة المتوسط مركزاً لوجستيكيا وازنا ومتصلا بـ 186 ميناءً عالميا، ضمن 77 دولة. بيد أنه بالرغم من هذه الجهود، فإن حصة المغرب على صعيد النقل البحري الدولي، بل حصة القارة الأفريقية برمتها، ما زالت ضعيفة، يؤكد البحث.
وأوضح البحث أن المغرب لا يستغل بعد كامل مؤهلاته البحرية، والتي تتجلى في 3500 كلم من السواحل (3000 كلم من السواحل الأطلسية و500 كلم من السواحل المتوسطية).
وجرد البحث مؤهلات سواحل غرب أفريقيا، قائلاً إنها غنية بالموارد الاقتصادية، بالنظر لكونها من أغنى السواحل العالمية بالثروة السمكية، كما تتيح هوامش نمو مهمة بالنسبة لدول شريكة للمغرب كالسنغال وموريتانيا وغينيا.
واقترح البحث خلق شبكة مينائية غرب أفريقية، تضم المغرب وشركاءه المذكورين، من شأنها استغلال ونقل واستلام مختلف التدفقات التجارية المتعلقة بالمنطقة.
وأضاف أن من بين الدوافع لخلق هذا التكتل البحري، مواجهة الإرهاب في منطقة "الساحل والصحراء"، الذي يتقدم شيئاً فشيئاً صوب الدول الساحلية قادماً من تلك الداخلية، وما يشكله ذلك من خطر على الاقتصاد البحري المغربي.
وخلص إلى أن الاعتماد على الإمكانات البحرية للمغرب من شأنه أن يفتح للمملكة ليس فقط آفاقاً تجارية، بل جيواستراتيجية، بتقوية موقعه وعلاقاته مع القوى الدولية.