ارتفاع أثمنة الأعلاف يفاقم محنة مربي المواشي بالمغرب

الاقتصاد الوطني - 11-01-2022

ارتفاع أثمنة الأعلاف يفاقم محنة مربي المواشي بالمغرب

ارتفاع أسعار العلف راجع إلى السوق الدولية

اقتصادكم - مهدي حبشي

للسنة الثالثة على التوالي، تواصل أثمنة الأعلاف ارتفاعها المضطرد، مخلفة حالة من التذمر ومفاقمة محنة مربي المواشي، الذين يجمعون على أنها أجهزت على آخر هوامش ربحهم.

ولا يؤمّن المغرب اكتفاءه الذاتي من المواد العلفية، بحيث يستورد جزء مهما من حاجياته من الخارج، ما جعل ارتفاع أسعارها في السوق الدولية يرخي بظلاله على الأسعار ضمن السوق المغربية.

وبحسب شبكة rtbf البلجيكية، فإن أسعار الأعلاف التهبت في القارة الأوروبية كذلك، ووصلت إلى ضعف أسعارها المعتادة، منتقلة من 60 يورو إلى 135 يورو للـ"بالة" الواحدة.

وتآزرت ظروف الجفاف قبل سنتين، مع ظروف جائحة "كوفيد 19" بعد ذلك، لتفاقم محنة مربي المواشي وتزيد أسعار الأعلاف، وفق ما استقته اقتصادكم من مصادرها.

ارتفاع العرض مقارنة بالطلب و"الشناقة" في قفص الاتهام

شهدت أسعار الأعلاف زيادات تدريجية متتالية، إلى أن بلغت نسبة 25 في المئة مقارنة بالسنة الأخيرة قبل الجائحة. فالمواد العلفية التي كانت تشترى بـ 3 دراهم للكيلوغرام الواحد، وصل سعرها الآن إلى 4 دراهم للكمية نفسها.

"يعني ذلك أن تربية عجل واحد صارت تكلف 1000 درهم أكثر من السابق"، يقول حمزة، وهو مربي ماشية بمنطقة اثنين اشتوكة لـ"اقتصادكم".

ويشتكي المتحدث من أن ارتفاع كلفة الإنتاج لا توازيه إمكانية زيادة أسعار البيع على مستوى المربي، لسببين رئيسيين؛ أولهما السوق الذي يعرف "عرضاً كبيراً وطلباً أقل". فقد أفلح مخطط المغرب الأخضر في رفع إنتاجية المغرب من اللحوم الحمراء، لكن الطلب ما زال أقل من مسايرة الوفرة الإنتاجية.

ويضيف المتحدث إن السبب الثاني هو "الشناقة" و"الملاوطية"، أي الوسطاء الذين يتحكمون في السوق ويمشون بين المربين والمستهلكين، "لديهم قوة تفاوضية لا حدود لها، تمكنهم من بخس أرباح المربين، وفي المقابل تحقيق أرباح تتراوح بين 20 و30 في المئة من القيمة الإجمالية للمعاملة".

وسألت اقتصادكم أحد هؤلاء، فتحجج بأن اللحوم لا تعرف إقبالاً كبيراً، وبأن الكثير من المواشي لا تباع منها سوى الأحشاء بينما يضطرون (للتخلص) من "السكيطة" أي الجثة، بأثمنة لا ربح فيها.

الجائحة تسدد رصاصة الرحمة

وفاقمت ظروف جائحة "كوفيد 19" صعوبات سوق اللحوم الحمراء بالمغرب، نتيجة توقف القطاع السياحي وحظر الأعراس والجنائز والمناسبات... ناهيك عن تضرر القدرة الشرائية للمستهلك المغربي.

وكان التفاؤل ساد بين الخبراء، العام الماضي، بشأن انخفاض أسعار الأعلاف جراء جودة الموسم الفلاحي، ما سيغني المراعي بالكلأ ويوفر للـ"كسابة" بديلاً طبيعيا عن الأعلاف الصناعية.

ويسبب ارتفاع سعر الأعلاف اختلالاً في موازين العرض والطلب ضمن سوق المواشي، وفق ما يراه العربي الزكدوني، الخبير في الاقتصاد الفلاحي، الذي صرح لـ"اقتصادكم" بأن "المُربين يرفعون أسعار البيع عند هطول الأمطار وتوفر العلف الطبيعي في المراعي، لأنهم لا يبقون أمام إجبارية تصريف مواشيهم بأثمنة زهيدة، قصد التخلص من كلفة العلف المرتفعة".

ذلك ما لا يوافق عليه المربي حمزة، الذي اعتبر أن هذا "النمط التقليدي" في تسمين الماشية آخذ في الانحسار: "الكثير من المربين باتوا يفضلون استغلال الأراضي في الزراعة بدل تركها للرعي، ويميلون إلى تسمين المواشي بالأعلاف الصناعية".

ما الحلول؟

ارتفاع أسعار الأعلاف ليس إذن سوى نقطة في بحر معاناة "الكساب". ولعل غياب تحديد للأسعار واحد من أكبر المشاكل المطروحة. "ينبغي خلق موقع رسمي تابع لوزارة الفلاحة يحدد الأسعار بشكل أسبوعي وفقاً للعرض والطلب". يقول المربي حمزة مضيفاً: "هذا الإجراء البسيط كفيل بقطع الطريق على الوسطاء الذين يقضمون أرباح المربي ويبتلعون جهوده".

ومضى يقول: "إذا صارت الأسعار معروفة، حينذاك سيعود الوسيط إلى دوره الطبيعي المتمثل في البحث عن عمولة لقاء كل عملية بيع يساهم في تحقيقها. أما في الظروف الحالية فقد أصبح الوسيط يربح أحياناً أكثر من المربي الذي تعب وبذل جهداً في الإنتاج".

ويتربع على عرش المتضررين المربي المتوسط والصغير، ذلك أن الوضع الراهن "لا يصب سوى في صالح الشركات الكبرى التي تتوفر على معامل لإنتاج الأعلاف الخاصة بمواشيها" يؤكد المتحدث.

وطالب المربي بهيكلة القطاع عبر حذف الأسواق الليلية، وفرض نظام "المقاول الذاتي" على التجار المتواجدين ضمن الأسواق.

ولمعالجة إشكالية ارتفاع العرض مقارنة بالطلب، اقترح المتحدث الانفتاح على التصدير، مؤكداً حاجة المغرب إلى التعامل مع دول الجوار، ودول القارة الأفريقية خصوصاً.