نهر ملوية - ارشيفية
اقتصادكم- شعيب لفريخ
إن كارثة الجفاف التي تضرب المغرب حاليا والتي يظهر أثرها جليا في المناطق القروية، تقتضي تعديلا في قانون المالية لمواجهتها.
وظهرت في بعض المناطق ندرة في مياه الشرب، وفي مناطق أخرى ندرة في مياه السقي وتوريد الماشية، وكذا أعلاف الماشية إذ ارتفع سعر النخالة والجلبانة والشمندر والشعير وغيره في الأيام الأخيرة في بعض المناطق حسب المعلومات المتوفرة بنسبة تتراوح بين 50 و80 بالمائة.
وهذا يعني أن المغرب أصبح أمام ظرفية طارئة ومعطيات اقتصادية واجتماعية تقتضي اتخاد إجراءات تدخلية مستعجلة ذات مضمون مالي، فالأمر هنا يتعلق بالأمن الاجتماعي وليس شيئا آخرا.
وكما هو معلوم، فإن تعديل قانون المالية، يفرض نفسه في هذه النازلة بقوة حسب منطوق القانون التنظيمي للمالية 130.13، الذي يشير في مادته الأولى والثانية إلى ’وضع موارد وتكاليف الدولة في قانون المالية السنوي وفق الظرفية الاقتصادية والاجتماعية’ ، وأن القوانين المعدلة هي من صلب قانون المالية السنوي، كما أن ذات القانون يعطي الإمكانية في المادة 34 المتعلقة بأموال المساعدة و في المادتين 42 و45 يعطي الإمكانية القوية لإدراج النفقات الطارئة والمخصصات الاحتياطية وكذا القيام بتحويلات للاعتمادات داخل نفس البرنامج وما بين البرامج داخل نفس الفصل، أما المادة 60 منه فهي تحيل إلى الفصل 70 من الدستور الذي يمكن في حالة الضرورة الملحة غير المتوقعة ذات المصلحة الوطنية افتتاح اعتمادات إضافية بمرسوم’ ، أما المادة 67 فهي تبيح إصدار مرسوم للاستفادة من الرسوم شبه الضريبية المقبوضة لأجل مصلحة اقتصادية أو اجتماعية.
وما يؤكد أن آثار الجفاف أصبحت واقعا ملموسا، هو تلك الأصوات التي ارتفعت من طرف بعض مكونات الحكومة ومن خارجها للمطالبة بعقد اجتماعات عدة لجان، لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، القطاعات الإنتاجية، البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، الداخلية والجماعات الترابية للوقوف على مختلف التطورات الاجتماعية والاقتصادية المستجدة في الآونة الأخيرة واتخاذ القرارات المستعجلة لمواجهة آثار الجفاف التي مست عدة مناطق قروية في مختلف الجهات المغربية.
ويظهر حسب المعطيات المتداولة، أن البرلمان بمختلف مكوناته، ومختلف القطاعات الحكومية المعنية بشكل مباشر بالجفاف كالفلاحة والتنمية القروية، الداخلية، الاقتصاد المالية، التجهيز والماء، الصناعة والتجارة، الادماج الاقتصادي، الاقتصاد الاجتماعي.. يعيشون على وقع استنفار شديد لاستباق الزمن لمواجهة انعكاسات الجفاف.
وعلى أي حال، فتحضير مشروع تعديلي لقانون المالية بين الحكومة والبرلمان يقتضي مراجعة التوقعات والمؤشرات والتقديرات السابقة، وكذا إعادة صياغة التوجهات والأولويات والاختيارات الاقتصادية والاجتماعية على ضوء معطيات الظرفية القائمة وصياغة برنامج عملي لمختلف الإصلاحات الضرورية
وتسطير الإجراءات المستعجلة، من بينها وضع خطة لتدبير المياه، والاستيراد الاستباقي من الأسواق الخارجية لمختلف الاحتياجات من الحبوب وغيرها وتوفير احتياطي كافي، والتدخل وفق القانون 114.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة لتقنين الأسعار لسحب البساط من تحت أرجل تجار الأزمات والمضاربين.
وبعد المرور من المحطة الرئيسية التي هي إقرار الإجراءات المالية والبرنامجية ، من المتوقع أن تلعب وزارة الداخلية دورا رياديا في مواجهة كارثة الجفاف، ليس فقط بكون الولاة والعمال هم الذين يقومون بدور القيادة والتنسيق مع مختلف المصالح الخارجية للوزارات ومختلف الإدارات على مستوى الجهات والعمالات والأقاليم، أو وصايتها وإشرافها على الجماعات الترابية، وإنما لخبرة وزارة الداخلية الواسعة والعميقة التي تمتد على مدى عدة عقود من الزمن، وكذا قوتها التنظيمية المؤطرة الملتصقة بالقرب، وحسب القانون 2.19.1086 الصادر بتاريخ 30.1.2020 الذي ينظم اختصاصاتها، فهي من تقوم بتزويد الحكومة بالمعلومات، وتتوفر فيما له علاقة بموضوعنا على مديريتين فاعلتين، هما مديرية الشؤون القروية التي تشرف على الجماعات السلالية والأراضي الجماعية وتدعم البرامج الحكومية في العالم القروي، ومديرية تنسيق الشؤون الاقتصادية، هاته المديرية التي تتولى التنسيق مع مختلف الإدارات والمؤسسات المعنية والعمالات والأقاليم، تتتبع الملفات الاقتصادية وتحليل الظرفية، تتتبع تموين السوق الوطنية بالمواد والمنتجات الأساسية، توجه عمل المصالح التابعة للعمالات والأقاليم المكلفة بمراقبة الأسعار والمعاملات التجارية وضبط الأسواق، تشرف على لجنة الأسعار المشتركة بين الوزارات لتنظيم الأسعار والمنافسة وتحديد وتقنين أسعار السلع والمنتوجات.