التحول الرقمي يهدد الوجود المادي للوكالات البنكية

آخر الأخبار - 11-04-2023

التحول الرقمي يهدد الوجود المادي للوكالات البنكية

اقتصادكم

احتدت المنافسة في العامين الماضيين بين البنوك المغربية بهدف تسهيل وصول زبنائها إلى الخدمات المالية عبر الأنترنت، سواء تعلق الأمر بتطبيقات الهاتف المحمول ومواقع الأنترنت وخيارات الدفع الأكثر أمانا، أو إمكانية فتح حساب عن بُعد مع أدوات إدارة التمويل الشخصي.

غير أن تنامي الاعتماد على الخدمات المالية الرقمية كان له تأثير على الفروع البنكية التقليدية، إذ تراجع عددها ما بين سنتي 2021 و2022 وفق ما كشفت عنه وثيقة أصدرها البنك المركزي المغربي.

وحسب الوثيقة، فإن 189 فرعا بنكيا أغلق أبوابه العام الماضي، وانتقل العدد على الصعيد الوطني من 6065 فرعا سنة 2021 إلى 5914 خلال سنة 2022، واستهدف الإغلاق على الخصوص الوكالات التابعة للأبناك التقليدية.

ويبلغ عدد الأبناك التقليدية بالمغرب 19 (تضم 5715 فرعا) مقابل 8 بنوك تشاركية (190 فرعا) و9 أبناك خارجية، و13 مؤسسة دفع.

أظهرت دراسة حديثة أجرتها مجموعة "سونيرجيا" (Sunergia) حول "تطور رقمنة البنوك المغربية"، ونشرها موقع "الجزيرة"، أن 73% من المغاربة الذين يملكون حسابا بنكيا يستخدمون على الأقل خدمة بنكية واحدة عبر الأنترنت، وهو الرقم الذي يتوافق مع المتوسط العالمي.

ويتوفر حوالي 18 مليون مغربي على حساب بنكي واحد على الأقل، 63% منهم رجال و37% نساء.

وقارنت الدراسة مستوى معدل رضا الزبناء عن الخدمات البنكية الرقمية بين سنتي 2020 و2022، وتبين أن المعدل انتقل من 76% إلى 91%، وتفسر هذه النسبة التي تعكس معدل رضا جيد -حسب الدراسة – تحسن مستوى الخدمات البنكية عبر الأنترنت المقدمة للزبناء.

وأظهر التقرير السنوي حول الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي الصادر بتنسيق بين البنك المركزي ووزارة الاقتصاد والمالية تقييما لخدمة "الدفع بواسطة الهاتف النقال" وهي تقنية تسمح بإرسال الأموال وأداء الفواتير والمشتريات عبر الهاتف الذكي.

وحسب التقرير فإن عدد المعاملات التي نفذت عبر هذه الخدمة خلال عام 2021 بلغت 4.9 ملايين معاملة مقابل 1.4 مليون معاملة مسجلة في عام 2020 أي بزيادة 242% بمبلغ إجمالي قدره 1.1 مليار درهم مقارنة بـ445 مليون درهم في عام 2020 أي بزيادة 151% (الدولار يساوي 10.21 دراهم).

وأظهر تحليل بنية المعاملات هيمنة معاملات أداء الفواتير وتعبئات الهاتف (73% من حيث العدد و44% من حيث المبلغ) تليها التحويلات من شخص لآخر (19% من حيث العدد و44% من حيث المبلغ).

إلى جانب الثورة التكنولوجية التي فرضت التحول الرقمي للعديد من الخدمات، كان لجائحة "كوفيد-19" دور أساسي ومهم في تسريع هذا التحول حسب ما صرح به سليمان العمراني الباحث في التحول الرقمي لموق "الجزيرة نت".

ومكّن تطور الخدمات المصرفية بفضل هذه الثورة التكنولوجية المستهلك من القيام بعدد من الخدمات عن بُعد كما يوضح "للجزيرة نت" المحلل الاقتصادي والمالي محمد جدري، ومن هذه الخدمات أداء الفواتير، تحويلات بنكية، اطلاع على الحسابات، دفع الشيكات والنقود دون الحاجة إلى التنقل إلى الوكالة المصرفية.

ويرى العمراني أن سياسات البنك المركزي المغربي أسهمت في المنحى التصاعدي للمالية البنكية الرقمية، موضحا أن مبادرة "غرين ماروك" التي أطلقها المركزي الغربي ترمي إلى تحسين خدمات تحويل الأموال وخفض تكاليفها سيما عبر التشجيع على استخدام الخدمات المالية الرقمية.

ويؤكد الباحث أن رقمنة الخدمات البنكية مفيدة في تقليص الجهد وفعالية المعاملات للزبائن، ومفيدة للبنوك في التقليل من عبء تدبير العلاقات المادية مع العملاء والاستفادة من ذلك في عملها الداخلي.

غير أنه لا يخفي وجود سلبيات ما تزال تلازم هذا النظام وتَحُدُّ من توسعه، ومن ضمنها استمرار ارتفاع تكلفة العمليات البنكية الرقمية التي يتحملها الزبون مما لا يشجع شرائح واسعة على التطبيع مع المالية الرقمية، وفيما يتعلق بالبنوك فإن من الآثار السلبية المباشرة هو اضطرارها لتقليص حجم مواردها البشرية وبالتبع عدد وكالاتها.

ومهما تكن السلبيات المسجلة، يؤكد العمراني أن الرقمنة الشاملة للخدمات البنكية وضمنها تدبير علاقات البنوك بالزبناء حتمية لا راد لها، مشددا على أن التحول الرقمي البنكي سيحقق أعلى مؤشرات النجاعة المالية ويحقق رضا المتعاملين ويجعلهم في حلّ من التردد على الوكالات والشبابيك ويَحُدُّ من مخاطر التداول النقدي.

ويشير إلى تحديات يتعين رفعها، منها بناء ثقة المتعاملين في المالية الرقمية، وتقليص الأعطاب التقنية التي تعتري أحيانا عمل مجموعة من المصارف مما يلحق أضرارا بعملائها.