الداكي: الرقي بحماية الطفولة في المغرب يتطلب وقفة تأمل وتشخيص دقيق للواقع

آخر الأخبار - 19-06-2023

الداكي: الرقي بحماية الطفولة في المغرب يتطلب وقفة تأمل وتشخيص دقيق للواقع

اقتصادكم

قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن حرص المملكة على الارتقاء بشأن الطفولة ليس وليد اليوم، بل تؤكده العديد من المواقف التاريخية للمملكة المغربية.

وأضاف الداكي، في كلمة لمناسبة المناظرة الوطنية حول موضوع "حماية الأطفال في تماس مع القانون.. الواقع والآفاق"، اليوم الاثنين بقصر المؤتمرات بالصخيرات، أن المبادرة الملكية المتمثلة في انتقال الملك الحسن الثاني شخصيا إلى نيويورك، من أجل التوقيع على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي تمت المصادقة عليها لاحقا سنة 1993 ، ما يعكس مكانة قضايا الطفولة لدى جلالته، التي ترجمها من خلال العديد من توجيهاته السامية كتلك التي ضمنها في الخطاب الموجه للمؤتمر الوطني الأول لحقوق الطفل المنعقد سنة 1994 الذي جاء فيه " إن الطفولة هي دعامة المستقبل وأمل البشرية في غد أفضل ...وأن حضارة الأمم والشعوب انما تقاس بمبلغ عنايتها واهتماها بأطفالها..." انتهى النطق الملكي السامي.

وعزز الملك الراحل هذه العناية سنة  1995، حسب رئيس النيابة العامة، بإحداث المرصد الوطني لحقوق الطفل من أجل تتبع تفعيل مقتضيات هذه الاتفاقية، وأسند رئاسته لكريمته صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للا مريم، التي ما فتئت سموها تولي رعاية خاصة لقضايا الطفولة من خلال عمل دؤوب ومبادرات مبدعة جعلت من المرصد الوطني لحقوق الطفل ركيزة أساسية لا غنى عنها من أجل إرساء فعلي لثقافة حقوق الطفل ونهوض حقيقي بحماية الأطفال من أي انتهاك أو استغلال يطالهم.

وسيرا على نهج والده ا أولى الملك محمد السادس عناية خاصة لقضايا الطفولة ولأولوية الحفاظ على حقوق الأطفال سواء على مستوى الحماية الجسدية والنفسية أو على مستوى النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ونستحضر في هذا الصدد مقتطفات من رسالة جلالته السامية الموجهة إلى المشاركين في أشغال الدورة الخامسة للمؤتمر الإسلامي للوزراء المكلفين بالطفولة، الذي انعقد في 21 فبراير 2018 بالرباط التي جاء فيها "... وقد حرصنا، منذ اعتلائنا العرش، على تعزيز هذا المسار، من خلال إقامة المؤسّسات المختصة، ووضع التشريعات اللازمة لدعم حماية الأطفال.

وتثمينا لهذا الرصيد، عملت رئاسة النيابة العامة على إعطاء دُفعة قوية لحماية الطفولة، والنهوض بأوضاعها، إذ نصّ دستور 2011 على أنّ الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية. وأن ضمان حقوق الأطفال يمر قبل كل شيء، عبر تمكينهم من حقوقهم الأساسية، في الصحة والتعليم والسكن والحماية الاجتماعية، والتي تنص عليها أيضا أهداف التنمية المستدامة، التي تتضمن دعوة صريحة لمحاربة العنف ضد الأطفال.

وقال الداكي إن حماية الأطفال والنهوض بأوضاعهم هو ورش كبير ومستمر، يتطلب انخراط والتزام الجميع، فرغم ما راكمته المملكة من إنجازات ومكتسبات في هذا المجال بفضل المجهودات المبذولة من طرف كل المتدخلين، إلا أنه ما زال الطريق مليئا بالتحديات والصعاب للوصول بأطفالنا إلى مستوى يحقق الغايات والمقاصد السامية المتمثلة في منع كل الأفعال والممارسات الماسة بسلامتهم، كما أن آليات الحماية المتاحة تسائلنا عن مدى احترام المعايير المتعارف عليها للتكفل بالأطفال.

وتسائل رئيس النيابة العامة التساؤل حول ضرورة تصنيف الأطفال المودعين، علما أن مراكز حماية الطفولة تضم في آن واحد الأطفال المخالفين للقانون والأطفال في وضعية صعبة، موضحا أن هؤلاء يشكلون نسبة 65 %، مقابل 35% من الأطفال في وضعية مخالفة للقانون، 

ومن جهة أخرى، يقول الداكي، " مازالت الإحصائيات بالمحاكم تسجل حالات متعددة من قضايا العنف الموجه ضد الطفل، كما ترصد لنا أعدادا مهمة من الأطفال الذين يتورطون في جرائم تتسم في بعض الأحيان بالخطورة، كما لازالت تطالعنا الأرقام المقلقة للأطفال في وضعية صعبة أو في وضعية الشارع المعرضين لمظاهر متعددة من العنف والاستغلال، الأمر الذي ينبغي معه إحاطة هذه الفئات بمزيد من الاهتمام على مستوى منظومة العدالة لضمان أنجع السبل الكفيلة بحمايتهم وفتح أفق الإدماج أمامهم. غير أن إنقاذ الأطفال في تماس مع القانون، وتوفير الحماية الشاملة لهم لا يقتصر على الحماية القانونية والقضائية فحسب، وإنما تتسع دائرته بالضرورة لتشمل منظومة الحماية الاجتماعية كما أن هذه الحماية لا تقف عند مسار التكفل القضائي بهم بل تنصرف إلى جهود الرعاية اللاحقة والمواكبة الوثيقة لضمان إعادة إدماجهم في المجتمع كأفراد صالحين".

وشدد المسؤول القضائي على أن الرقي بحماية الطفولة في المغرب يتطلب حتما، وقفة تأمل وتشخيص دقيق لواقع هذه الحماية، من خلال التعرف على مواطن القوة والاجتهادات المتميزة والممارسات الجيدة من أجل تعميمها والاستفادة منها، ومن خلال الوقوف كذلك على مختلف التحديات والإكراهات التي تواجهها، من أجل استشراف الحلول والوصول إلى مقترحات عملية ناجعة لتكريس الحماية الشاملة لهذه الفئة، وهو ما تصبوا إليه هذه المناظرة الهام، المأمول منها أن تكون انطلاقة جديدة للارتقاء بمنظومة الحماية الوطنية للأطفال، ومحطة أساسية للخروج بتصورات عملية وتوصيات تروم تحقيق تكفل شامل وناجع بمختلف فئات الأطفال.