اقتصادكم
افتتحت، اليوم الأربعاء بطنجة، أشغال الدورة التكوينية لفائدة المسؤولين القضائيين على النيابات العامة وقضاة التحقيق ومسؤولي الشرطة القضائية، حول موضوع: "العدالة الجنائية وآليات تجويدها بين متطلبات تحقيق النجاعة وتعزيز القيم والأخلاقيات المهنية".
وقال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن "انعقاد هذه الدورة التكوينية اليوم بمدينة طنجة يأتي في إطار استكمال سلسلة الدورات التكوينية الجهوية التي انعقدت بكل من فاس و مراكش و الدار البيضاء و اكادير، والتي يتم تنظيمها من طرف رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي، و التي تهدف إلى تقوية أواصر التعاون الذي يجمع هذه المكونات من جسم العدالة، كما يأتي انعقادها أيضاً في سياق تتبع تنفيذ مخرجات اللقاء التواصلي المنعقد برحاب المعهد العالي للقضاء يومي 11 و 12 يونيو 2021، والتي تمخضت عنه مجموعة من التوصيات سيما في الشق المتعلق بتعزيز التواصل وتشجيع عقد اللقاءات بين مكونات أجهزة العدالة الجنائية محلياً وجهوياً ومركزياً.
وأضاف الداكي، أن التفكير في تنظيم هذه اللقاءات العلمية يعكس الرغبة التي تحدونا جميعا كفاعلين في العملية القضائية و مشرفين على تدبير شأن العدالة من أجل التفكير في إيجاد الحلول الملائمة لعلاج مظاهر النقص والقصور التي تحول دون الوصول إلى إرساء دعائم عدالة ناجعة ضامنة للحقوق و الحريات تستجيب لتطلعات المواطنين، هذه الرغبة التي كان منطلقها الاجتماع التنسيقي الذي انعقد بالمعهد العالي للقضاء يومي 11 و12 يونيو 2021، والذي خلصت توصياته إلى تكريس التواصل والدعوة إلى عقد اجتماعات دورية بين كل مكونات أجهزة العدالة الجنائية محلياً وجهوياً ومركزياً من أجل تدارس الإكراهات التي تواجه الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون في الممارسة العملية.
وذكر رئيس النيابة العامة، أن العدالة الجنائية تعد من الأسس التي تحقق الأمن المجتمعي من خلال ملاحقة مرتكبي الأفعال الإجرامية والبحث معهم، وصولا إلى إصدار حكم يحقق الردع الخاص والعام ويمكن من جبر الأضرار التي تطال الضحايا والمجتمع، موضحا أن نجاح العدالة الجنائية يمر لزاما عبر تحسيس الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون، وباقي مساعدي العدالة بدورهم الإيجابي الذي ينبغي أن يضطلعوا به باعتبارهم فاعلين أساسيين فيها.
وأبرز الداكي، أن الأبحاث الجنائية أحد المرتكزات التي تنبني عليها المحاكمة الجنائية العبادلة، سيما في الجنح وذلك انطلاقا من الحجية التي أضفاها المشرع المغربي عليها في هذا الإطار بموجب المادة 290 من قانون المسطرة الجنائية، مما يجعل الباحث ملزما بإجراء البحث والتحري بشكل مهني واحترافي وبمصداقية تامة وحياد عن كل المؤثرات، وأن يأخذ مسافة بينه وبين الأطراف المتنازعة، مع ضرورة إبراز شخصيته على مستوى إدارة البحث من خلال طريقة الاستماع وانتقاء الأسئلة الهادفة والمثمرة وتقنيات المواجهة والبحث عن الأدلة والتفاعل الإيجابي مع كل المعطيات التي قد تفيد البحث وتفادي الإجراءات التي قد تعرقل حسن سيره أو تعطل مساره، انتهاء بتحرير محضر يتضمن كل ما تم القيام به والذي من شأنه أن يكون نموذجيا ومرجعا يمكن الاستئناس به في الممارسة العملية لضباط الشرطة القضائية.
وفي ختام كلمته، شكر الداكي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، وقائد الدرك الملكي، على تفاعلهم الفعال مع مبادرة رئاسة النيابة العامة وانخراطهم الجاد والمسؤول في كل المبادرات التي تروم تعزيز التعاون والتنسيق للرفع من مستوى نجاعة العدالة، بالإضافة إلى شكره إلى كافة المسؤولين القضائيين على النيابات العامة وقضاتها وقضاة التحقيق ومسؤولي الشرطة القضائية بالإدارات المذكورة وضباطها على تكبدهم مشاق السفر لحضور أشغال هذا اللقاء وما يتحلون به من مسؤولية وحس مهني عال سيسهم لا محالة في إنجاح الأهداف المتوخاة من هذه الدورة التكوينية بغية الرفع من مستوى الأبحاث الجنائية وتجويدها وتعزيز التواصل وتكريس الأخلاق المهنية وفق ما يقتضيه القانون والمرجعية الدستورية والمواثيق الدولية.
آملا أن تمهد هذه الدورة التكوينية الأخيرة لعقد ندوات ودورات تكوينية أخرى بشكل منتظم بين النيابة العامة ومكونات الشرطة القضائية سواء على المستوى المحلي أو الجهوي وهو ما سيمكن من حضور أكبر عدد ممكن من ضباطها تعميماً للفائدة ومن أجل مواصلة النقاش أيضاً بشأن محاور هذا اللقاء وإغنائه بأفكارهم ومقترحاتهم وصياغة الحلول الكفيلة بتجاوز الصعوبات التي تعترض القيام بالمهام المشتركة.