اقتصادكم
في مواجهة تزايد الزلازل والمخاطر المناخية، يفكر المغرب في جعل التأمين على المنازل إجباريًا، حيث تدرس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS) تقييم جدوى هذا القرار، من خلال تكليف هيئة ARM Consultants بدراسة جدوى التأمين الإجباري على المنازل، تشمل الدراسة تحليل المخاطر، ومراجعة الإطار التنظيمي، ومقارنة أفضل الممارسات الدولية، وتقييم التأثير الاقتصادي والاجتماعي لهذه الخطوة.
كان زلزال الحوز بمثابة صدمة كبيرة، بالإضافة إلى المأساة الإنسانية، كشف عن ثغرة كبيرة في حماية الأسر من الكوارث الطبيعية: فقط 4% من الأسر في المغرب تمتلك تأمينًا على المنازل. وهو رقم ضئيل يثير سؤالًا أساسيًا: هل يجب جعل هذا التأمين إلزاميًا في وقت تتزايد فيه الهزات الأرضية، مثل الزلزال الذي بلغت قوته 5.2 درجة الذي تم تسجيله هذا الأسبوع بإقليم وزان؟ إذ يبقى المغرب، الواقع على الحدود بين الصفائح الإفريقية والأوراسية، معرضًا لخطر الزلازل بشكل مستمر.
وحقق المغرب تقدمًا ملحوظًا في مجال الوصول إلى السكن بفضل برامج عامة طموحة، ولكن هذه الإنجازات تتناقض مع الحماية التأمينية شبه المعدومة. فقد كانت غالبية المنازل التي تضررت جراء زلزال الحوز غير مؤمنة، مما ترك آلاف الأسر في مواجهة خسائر مالية كبيرة وهذه الوضعية تعيد إطلاق الحاجة إلى إصلاح جذري.
ويعتبر التأمين متعدد المخاطر على المنازل ملزمًا بشكل أساسي لأولئك الذين ليس لديهم خيار: المقترضون العقاريون الذين تفرض عليهم البنوك ذلك أما بالنسبة للبقية، وخاصة المالكين الذين اشتروا بدون قرض، فلا يزال الاشتراك اختياريًا – ومهملًا بشكل كبير. ومع ذلك، فإن المخاطر موجودة بالفعل: حرائق، فيضانات، سرقات... دون الحديث عن الكوارث الطبيعية.
سوق يعاني من التأخير
وتوضح الهيئة أنه "يتم التعاقد على هذا التأمين أساسًا للمنازل التي تم شراؤها عن طريق التمويل البنكي وقد تم تسليط الضوء على هذه الوضعية أثناء زلزال الحوز، حيث لم تتمكن الغالبية العظمى من المنازل المتضررة من الاستفادة من التأمين ضد الكوارث الطبيعية (الذي يشمل الزلازل) الذي تم تأسيسه بموجب القانون رقم 110-14".
مع ذلك، يحتوي السوق المغربي على 13 شركة تأمين مرخصة، منها 4 تعمل في قطاع التكافل، تقدم هذه الشركات برامج متعددة المخاطر تشمل الحرائق، أضرار المياه، تحطيم الزجاج، السرقة، والمسؤولية المدنية وبعضها يذهب إلى أبعد من ذلك بتطوير منتجات التأمين الجزئي للوصول إلى فئة أوسع.
لكن على الرغم من هذه التنوعات، يبقى الطلب ضعيفًا، فهناك نقص في التوعية، وانطباع بأن التأمين هو نفقات غير ضرورية، ومخاوف من شركات التأمين... حيث تعرقل كل هذه العوامل عملية الاشتراك، مع العلم أن الأسعار ليست كبيرة، وتتراوح بين 300 و500 درهم سنويًا لتغطية أساسية، أما الحماية الأكثر شمولاً التي تشمل الأثاث أو الضمانات الإضافية، فتتراوح بين 1200 و4000 درهم حسب قيمة الممتلكات.
التوجه نحو التأمين الإجباري
تسعى هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS) إلى حسم هذا الموضوع، إذ تهدف دراستها، التي تم تكليفها لـ ARM Consultants، إلى قياس فرصة وجدوى التأمين الإجباري على المنازل من أجل حماية الأسر بشكل أفضل دون خلق عبء مالي لا يمكن تحمله.
تتكون المهمة التي تم تكليفها إلى ARM Consultants من عدة مراحل: المرحلة الأولى تشمل تشخيص المخاطر المتعلقة بالمنازل في المغرب، من خلال تحديد الأحداث الرئيسية التي قد تتسبب في أضرار (الزلازل، الفيضانات، الحرائق، وما إلى ذلك). يجب أن تشمل هذه الدراسة أيضًا خصائص المنازل (الأنواع، جودة البناء) وعادات السكان.
المرحلة الثانية تركز على مقارنة دولية، مع دراسة تجربة أربعة دول على الأقل في مجال التأمين الإجباري على المنازل من أجل تحديد النماذج الأنسب للسياق المغربي، مع الأخذ في الاعتبار الخصوصيات الثقافية والاقتصادية والتنظيمية للمملكة.
وأخيرًا، تهدف المراحل التالية إلى تقييم جدوى التأمين الإجباري، واقتراح سبل لتنفيذه، وإعداد خريطة طريق مفصلة. من بين الجوانب الرئيسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار: تسعير المخاطر، آليات الرقابة، والتعديلات التنظيمية اللازمة.، وتضيف الهيئة "إن فرض التأمين سيؤدي بشكل منهجي إلى تحسين التغطية ضد الكوارث الطبيعية التي يغطيها النظام الذي وضعه القانون رقم 110-14. وفي الواقع، ستغطي المنازل التي كانت مؤهلة حاليًا للحصول على المساعدة من صندوق التضامن ضد الكوارث (FSEC) بموجب الشروط والحدود التي حددها هذا القانون، في المستقبل، ضمن التغطية التأمينية للنظام المذكور".
ما هي التحديات التي يجب التغلب عليها؟
إذا كانت فكرة التأمين الإجباري على المنازل تلبي حاجة للحماية، فإن تنفيذها يثير عدة تساؤلات، ويتعلق أحد التحديات الرئيسية بالقدرة المالية. بالنسبة للعديد من الأسر، وخاصة الأكثر فقراً، قد يمثل تكلفة هذا التأمين عبئًا ماليًا. لذا سيكون من الضروري تقديم حلول ملائمة، مع تسعير مختلف وفقًا للملفات وأنواع المنازل.
بعيدًا عن الجانب المالي، يبقى تصوّر التأمين عائقًا رئيسيًا، حيث لا يزال العديد من الناس يعتبرونه عبئًا غير ضروري. لذا سيكون من الضروري القيام بحملات توعية وتثقيفية لإظهار فائدته وتشجيع الناس على التعاقد عليه.
لكن فرض إلزامية التأمين لا يكفي حيث يجب ضمان احترام هذا الالتزام. هل يجب أن يتم تفضيل نظام من العقوبات للمتخلفين أم ينبغي وضع حوافز لتشجيع الاشتراك؟ لا تزال هذه المسألة مفتوحة وتتطلب إطارًا تنظيميًا دقيقًا.
وأخيرًا، يجب أن يتكيف العرض التأميني نفسه مع طبيعة المخاطر التي تهدد المباني في المغرب، فلا تحمل جميع المنازل نفس المستوى من المخاطر، وبعضها، خصوصًا الأقدم أو تلك الواقعة في المناطق المعرضة للكوارث الطبيعية، قد تكون أكثر صعوبة في التغطية، ومنه سيكون التحدي في تقديم صيغ مرنة قابلة للوصول للجميع، دون خلق تفرقة في الحماية التأمينية.
إلى جانب حماية الأسر، قد يكون للتأمين الإجباري على المنازل آثار إيجابية أوسع. "إن فرض التأمين الإجباري على المنازل سيساهم في تعزيز حماية المواطنين وتعزيز استقرار القطاع العقاري. مثل هذه الخطوة ستقلل من المخاطر الاقتصادية الناجمة عن الحوادث، مما يحد من العبء المالي على الملاك والمستأجرين"، تشير الهيئة.
عن Finances News Hebdo بتصرف