اقتصادكم
في السادس من نونبر 2023، الموافق لليوم الاثنين، يحتفل المغاربة اليوم بالذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، التي تعتبر استراتيجية جريئة من المملكة، وحدثا يُعتبر واحدًا من أقوى الردود السلمية في تاريخ العالم على احتلال جزء من الأراضي الوطنية.
وهكذا، في السادس من نونبر سنة 1975 في ساعات الفجر، وجه الملك الراحل الحسن الثاني انطلاقا من غرفة العمليات الخاصة بالدرك الملكي بأكادير أمره السامي إلى وزيره الأول آنذاك، ومن ثم تحركت قافلة تضم نحو 350,000 مغربي من طرفية في مسيرة داخل الصحراء لبضعة أيام نحو الطاح والخط الوهمي، على بعد بضعة كيلومترات منه.
وكانت هذه المسيرة، التي بدأت بشكل قوي برعاية الملك الراحل الحسن الثاني، أكثر من مجرد محاولة لتحرير أراضي. إذ كانت خظة عبقرية ملكية تجسد التماسك القوي والإيمان بين العرش والشعب، بالإضافة إلى التوافق حول القيم والثوابت المقدسة للأمة المغربية.
وتعتبر المسيرة الخضراء الآن بعد نصف قرن من هذه المبادرة نموذجًا ودرسًا في الحوار الإنساني، مما يسمح بتجنب أي تدفق للدماء. وتم الإعلان عنها في 16 أكتوبر 1975 من قبل الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب تاريخي، دعا فيه للقيام بمسيرة سلمية طويلة نحو جنوب المملكة لتحرير الصحراء المغربية من الاحتلال الإسباني.
وجاءت هذه الخطوة الملكية بعد تأكيد المحكمة الدولية في لاهاي على وجود روابط قانونية وولاء بين سلاطين المغرب وقبائل الصحراء. وحددت المحكمة الدولية أن الصحراء لم تكن أبدًا "أرضا خلاء" وأن "روابط قانونية بالولاء" كانت موجودة بالفعل بين هذا الإقليم ومملكة المغرب.
وجاء هذا التأكيد استجابة لطلب تقدم به المغرب في 13 دجنبر 1974، يطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة مراجعة المحكمة الدولية للحصول على استشارة قانونية بشأن الوضع القانوني للصحراء أثناء احتلالها من قبل إسبانيا في 1880. وأصبحت المسيرة الخضراء الآن مسجلة في التاريخ العالمي كملحمة مجيدة قادت إلى استكمال السيادة الترابية للمملكة المغربية.
وجمعت هذه المسيرة 350,000 متطوع، بما في ذلك 30,000 امرأة، جاؤوا من جميع أنحاء المغرب بهدف إنهاء الاستعمار الإسباني بطريقة سلمية تمامًا، دون اللجوء إلى أي عنف، حيث كان كل مشارك مسلحًا فقط بعلم أخضر للمغرب ومصحف.
ومن الطبيعي تمامًا أن نرى نجاح تنفيذ مثل هذه المسيرة يثير العديد من التفاعلات الشغوفة لمعظم الناس، بينما يواجه بعض الأشخاص القليلين الذين تعارضوا أو ما زالوا يعارضون مغربية الصحراء. ومع ذلك، لم يتوقف المغرب منذ ذلك الحين عن تعزيز موقفه الدبلوماسي والسياسي على الساحة الدولية من أجل الدفاع عن شرعية قضيته ووحدته الترابية، من طنجة إلى الكويرة.
اليوم، بعد نصف قرن تقريبًا من هذه المبادرة، من الواضح للجميع مشاهدة مستوى التنمية التي تم التوصل إليه في الصحراء المغربية. وذلك بفضل مشاريع متنوعة ومشاريع مدرجة في برامج تنمية مقاطعات الجنوب في العيون والداخلة... تطوير عام تم تحقيقه بشكل كبير بفضل التزام السكان الذين يعيشون في مقاطعات الجنوب بالعملية الديمقراطية، كما يظهر ذلك من خلال مشاركتهم الكبيرة (الأعلى في المغرب) في الانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية في 8 شتنبر 2021.
ومن الناحية الدبلوماسية، يحقق المغرب نجاحات متزايدة. بقيادة الملك محمد السادس، وفي دعم وحدته الترابية، وتقدم الدبلوماسية المغربية الواقعية اليوم، نظرة نحو حل نهائيً للصراع المقتعل حول الصحراء المغربية.
اعتراف الولايات المتحدة بالصحراء المغربية، ودعم إسبانيا وألمانيا لخطة الحكم الذاتي، وافتتاح قنصليات من قبل حوالي ثلاثين دولة في مدن الداخلة والعيون، تؤكد الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على أراضيه.
هذه الاستراتيجية الدبلوماسية والسياسية الهجومية تعزز بوضوح مكتسبات المملكة في المنتديات الدولية من خلال الحصول على اعتراف بمغربية الصحراء من قبل أكثر من 100 دولة.