اقتصادكم
فتح قرار مجلس المنافسة القاضي بإعادة الملف المتعلق بوجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات إلى مصالح التحقيق، باب التساؤلات من جديد حول كيفية تحديد أسعار المحروقات بالمحطات أساسا.
ويربط أغلب السائقين والمواطنين العاديين بين تطور أسعار برميل النفط الخام والأسعار المعلنة في محطات بيع الوقود، إذ يعتبرون أنه كلما انخفض سعر الخام يجب أن تسير الأثمنة المعلنة في السوق الداخلي في الاتجاه ذاته، الأمر الذي يمكن أن يتحقق في بعض الحالات لكن ليس بالضرورة، بالنظر إلى أن لكل صنف من أصناف المحروقات سوقا خاصا به يخضع لقانون العرض والطلب، إذ إلى جانب سوق النفط الخام، هناك أسواق الغازوال والبنزين والفيول وغاز البوتان، التي تحدد الأسعار داخلها بناء على حجم الطلب والعرض، فكلما كان الطلب مرتفعا يزيد السعر والعكس صحيح.
وهكذا، فإن المقارنة بين سعر برميل النفط الخام والمواد المصفاة أو المكررة تجانب طبيعة المبادلات داخل مختلف الأسواق، إذ يمكن أن ينخفض سعر برميل النفط، ويرتفع سعر الغازوال أو البنزين أو هما معا، حسب مستوى الإقبال والوفرة، ولكل سوق أسعاره الخاصة به، التي قد لا تتأثر بالضرورة بسعر برميل النفط الخام.
وتجدر الإشارة، بهذا الصدد، إلى أن المغرب لا يستورد النفط الخام، منذ أن أغلقت "سامير" أبوابها، بل يقتني كل احتياجاته من أسواق المنتوجات الطاقية المكررة، ما يفرض تتبع الأسعار داخل هذه الأسواق، بدل سوق النفط الخام.
وتتشكل الأسعار من جزء قار وآخر متغير، إذ تخضع المحروقات المستوردة إلى واجبات ضريبية، مثل الضريبة الداخلية على الاستهلاك، المحددة في 242 درهما للطن، والضريبة على القيمة المضافة بسعر 10 % على قيمة الكميات المستوردة، إضافة إلى التكاليف الأخرى قبل الخروج من الميناء، علما أنه رغم أن معدلها قار ومحدد، فإن قيمتها يمكن أن تتغير، إذا ارتفع سعر المواد الطاقية، وتخضع واردات المحروقات، أيضا، إلى رسوم الميناء المحددة في 21.04 درهما للطن، وتكاليف الإفراغ التي تتضمن جزءا منها قار محدد في 16.60 درهما للطن، وآخر متغير في حدود 1.8 في المائة من قيمة الشحنة وكلفة نقلها، إضافة إلى رسم شبه جبائي يقتطع بسعر 0.25 في المائة على مجموع قيمة الشحنة والنقل وكلفة الإفراغ، إضافة إلى اقتطاع بسعر 0.41 في المائة من قيمة الضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهلاك.
ويضاف إلى ذلك هامش البيع بالجملة، الذي يظل متغيرا، حسب مستوى المنافسة بين الفاعلين في هذا السوق والعرض والطلب، إذ منذ 2015، تاريخ تحرير سوق المحروقات لم تعد الدولة تتدخل في تحديد الأسعار، وأصبحت خاضعة لمحددات السوق.
ووتتم إضافة 0.5 % من سعر بيع الجملة، عبارة عن الضياع الذي يمكن أن يحدث خلال تفريغ الشحنة لدى بائع التقسيط، إضافة إلى 1.5 درهم للهكتولتر، مقابل الكميات التي يمكن أن تتبخر بفعل الحرارة، وهامش ربح بائع التقسيط الممثل في أرباب محطات الوقود، وبإضافة كل هذه المكونات المتغيرة والثابتة نحصل على سعر البيع بالتقسيط. ومن بين العناصر المتغيرة التي يمكن أن تؤثر على السعر النهائي، رغم استقرار أثمنة المحروقات، سعر صرف الدولار والدرهم.
وتبين، من خلال بنية الأسعار، أن الأثمنة لا يمكن أن تنخفض بالمستوى ذاته، الذي انخفضت به في الأسواق الدولية، بالنظر إلى أن هناك واجبات وحقوقا تظل شبه قارة، بغض النظر عن تطورات سعر المحروقات، وعليه فإن التطور يهم المكونات المتغيرة المتمثلة في سعر المادة وكلفة النقل وتغيرات سعر صرف الدولار. كما أنه لا توجد علاقة مباشرة بين سعر برميل النفط الخام والمواد المكررة، لأن الأمر يتعلق بأسواق مختلفة لكل واحد منها الميكانيزمات الخاصة به التي تحدد السعر.
ويمكن أن ترتفع الأسعار حتى وإن ظلت مستقرة في الأسواق الدولية، إذا ارتفعت قيمة الدولار مقارنة بالدرهم، كما يمكنها أن تنخفض إذ ارتفعت قيمة الدرهم مقارنة بالدولار. لكن العديد من مستهلكي المحروقات يعتبرون أن محطات الوقود لا تخفض الأسعار بالمستوى الذي تتراجع به في الأسواق الدولية، وغالبا ما يتم الاستناد إلى أسعار برميل النفط الخام.
وتوجد مواقع متخصصة تقدم تطورات أسعار المحروقات، يقدم بعضها خدماته مقابل أداء واجبات الانخراط، ويتضمن معطيات دقيقة حول أسعار مختلف أنواع المحروقات، سواء الخام منها أو المكررة، لكن هناك أخرى تقدم معطيات تقل دقة عن الصنف الأول غير أن الأسعار المقدمة لا تختلف كثيرا عن تلك المقدمة من قبل الصنف الأول الذي يتيح الاطلاع على مجموعة من المعطيات الإضافية غير المتوفرة في الثاني.
وبالرجوع إلى أحد المواقع من الصنف الثاني، تبين أن متوسط الأسعار بالنسبة إلى عقود غشت من السنة الماضية مثلا، خاصة بمادة الغازوال، كان في حدود 1053 دولارا للطن، وبناء على سعر هذه المادة، التي تمثل 52 % من سوق المحروقات، وكلفة النقل، التي تضاعفت لتصل إلى حوالي 42 دولارا للطن، واحتساب سعر لتر الغازوال في محطات الوقود المحتمل خلال غشت وشتنبر، بالنظر إلى أن هذه الأسعار تهم عقود غشت.
ويتعين، بداية، تحويل السعر من الدولار إلى الدرهم بناء على سعر صرف العملتين خلال اليوم ذاته، الذي كان يعادل فيه سعر الدولار 10.42 دراهم.
وهكذا يصبح طن الغازوال 10972.26 درهما بضرب القيمة بالدولار بسعره بالدرهم، وكلفة النقل 437.64 درهما للطن، بعد ذلك نحتسب مكونات السعر النهائي بالاستناد إلى بنية الأسعار المحددة من قبل وزارة الطاقة والمعادن.
وتخضع قيمة المحروقات والنقل، بداية، لرسوم الميناء، المحددة بالنسبة إلى الغازوال، في 21.04 درهما للطن، تضاف إلى ذلك تكلفة الإفراغ، التي تتضمن جزءا قارا في حدود 16.60 درهما، وآخر متغيرا بسعر 1.8 في المائة من قيمة الشحنة وتكاليف نقلها، ما يعادل 205.38 دراهم، يضاف إلى ذلك رسم شبه جبائي بقيمة 28.58 درهما للطن ويتضمن السعر أيضا كلفة التخزين المحددة في 150 درهما للطن.
وتصبح الكلفة دون احتساب الرسوم 11831.5 درهم للطن، ويتعين تحويل الطن إلى الهيكتولتر، باستخدام كثافة الغازوال المحدد في 0.840، ما يعادل 993.85 درهما للهيكتولتر (100 لتر)، أي 9.94 دراهم للتر.
وتضاف إلى هذا المبلغ قيمة الضريبة الداخلية على الاستهلاك بقيمة في حدود 242.24 درهما للهيكتولتر، ودرهم و50 سنتيما عبارة عن ائتمان قانوني، إضافة إلى هامش ربح الموزع بالجملة بقيمة 40 درهما في الهيكتولتر، حسب تصريحات شركات الوقود، و 7.01 دراهم للإفراغ، و1.50 درهم مقابل الضياع المحتمل للتبخر إثر الحرارة، وهامش ربح البائع بالتقسيط (أرباب محطات الوقود)، الذي أكدت الجامعة الوطنية لأرباب محطات الوقود أنه لا يتجاوز 35 درهما في الهيكتولتر، ما يرفع المبلغ إلى 1321.09 درهما للهيكتولتر، يضاف إليه مبلغ على القيمة المضافة بسعر 10 %، أي 132.11درهما.
وهكذا يصبح سعر البيع بالتقسيط في حدود 1453.20 درهما للهكترولتر، أي 14.53 درهما للتر، وهو السعر الذي يتعين أن يشهر في محطات الوقود خلال الفترة بين غشت وشتنبر، باعتبار أن السعر المعتمد في الأسواق الدولية يهم عقود غشت.