اقتصادكم - حنان الزيتوني
في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية وفرة كبيرة في العرض وتراجعا ملحوظا في أسعار المنتجات الفلاحية، يواصل المغرب شق طريقه بثبات نحو تعزيز موقعه ضمن كبار مصدري المنتجات الزراعية، مسجلا رقما قياسيا جديدا في صادرات الأفوكادو حيث تجاوزت 100 ألف طن.
وحسب بيانات منصة EastFruit المتخصصة في تتبع أسواق الفواكه والخضر، واصل المغرب تعزيز موقعه التنافسي في السوق الأوروبية، مستفيدا من وفرة الإنتاج المحلي وجودة المنتوج وظروف التوريد المنتظمة. وتشير الأرقام إلى أن إسبانيا وحدها استوردت خلال الربع الأول من سنة 2025 ما يقارب 29.160 طنا من الأفوكادو المغربي، أي بزيادة 73% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، و158% مقارنة بسنة 2023.
توسع الإنتاج
وفي هذا السياق، أوضح رياض أوحتيتا، الخبير والمستشار الفلاحي، أن "نجاح المغرب في تحقيق هذا الرقم يعود إلى عدة عوامل مناخية وزراعية اجتمعت هذا الموسم"، مضيفا أن "الأفوكادو تحتاج إلى حوالي 300 ساعة من البرودة خلال السنة، وهو ما تحقق بفعل الأمطار الغزيرة وبرودة الشتاء القارس".
وأشار أوحتيتا في اتصال مع موقع "اقتصادكم" إلى أن "المغرب شهد خلال السنوات الأخيرة توسعا في زراعة الأفوكادو، خاصة بعد إدخال 300 هكتار جديدة إلى الدورة الإنتاجية قبل نحو خمس سنوات، وهي المساحات التي خلقت جدلا حينها، لكنها اليوم بدأت تؤتي ثمارها".
وأضاف أن هذه المساحات انضافت إلى أراض أخرى حديثة الاستغلال، مما ساهم في الرفع من الكميات المنتجة والمصدرة.
أثر مائي
وبخصوص التأثيرات البيئية، أوضح الخبير أن "الأفوكادو من الزراعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، غير أن هذا الموسم شهد تحسنا في منسوب الفرشات المائية بفضل التساقطات، وهو ما انعكس إيجابا على مردودية هذه الزراعة".
وتابع قائلا: "اليوم، الدول الكبرى بدأت تعتمد ما يسمى بالبصمة المائية، أي قياس كمية الماء اللازمة لإنتاج كل سلعة، والمغرب لا يصدر الماء بقدر ما يستورده، إذا ما أخذنا في الحسبان ما تتطلبه بعض المنتجات كاللحوم والقمح من موارد مائية ضخمة".
وأكد أوحتيتا أن “انعكاس وفرة الإنتاج على الأسعار داخل السوق الوطني يبقى رهينا بنسبة التصدير مقارنة بالكميات الموجهة للاستهلاك المحلي، ففي حال تم تصدير حصة الأسد من المنتوج، من المرتقب أن ترتفع الأسعار محليا".
ورقة استراتيجية
وأتم الخبير الفلاحي تصريحه بالتأكيد على أن "الأفوكادو، رغم ما تثيره من نقاش بيئي، تظل ورقة استراتيجية مهمة في يد المغرب، خاصة في ظل مرحلة تحرير الدرهم المنتظرة، إذ أن كلما كانت صادرات المغرب الزراعية قوية، كلما تمكن من الحفاظ على توازن سعر العملة في السوق الدولية".
ورغم الضغوط التي فرضتها التدفقات الكبيرة من أمريكا اللاتينية، لا سيما من البيرو التي ضاعفت صادراتها إلى أوروبا، استطاع المغرب الحفاظ على قدرته التنافسية، بفضل جودة المنتوج المحلي وسرعة التوريد، وهو ما سمح له بتثبيت موقعه كلاعب رئيسي في سوق الأفوكادو العالمية.