تعميم الحماية الاجتماعية خطوة حاسمة لتحقيق الإنصاف الاجتماعي

آخر الأخبار - 31-01-2024

تعميم الحماية الاجتماعية خطوة حاسمة لتحقيق الإنصاف الاجتماعي

اقتصادكم

 


يحتل موضوع تعميم الحماية الاجتماعية، إحدى الركائز الأساسية التي تسعى الحكومة إلى تعزيزها، بهدف ضمان تقديم الرعاية للجميع، وتعزيز فرص الحياة الكريمة.

تحت قيادة الملك محمد السادس، قامت المملكة بورش ضخم لتعميم الحماية الاجتماعية. إذ تم إطلاقه رسميًا في 14 أبريل 2021، ويهدف إلى توسيع نطاق نظام الحماية الاجتماعية لتشمل فئات مختلفة من المواطنين.

في البداية، استهدف البرنامج الفلاحين والحرفيين والمهنيين والتجار، بالإضافة إلى المقاولين الذاتيين، والهدف النهائي هو تعميم هذه الحماية على جميع مواطني المملكة. ويشهد نشر هذا الورش تقدما ملحوظا، وبحلول نهاية سنة 2022، تم بالفعل إدماج 22 مليون مغربي إضافي في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض "أمو".

خطوة حاسمة لتحقيق التطلعات الملكية في مجال العدالة والإنصاف الاجتماعي. ولضمان تمويل هذه المبادرة الكبرى، تمت تعبئة ميزانية سنوية قدرها 51 مليار درهم، منها 28 مليار درهم من المساهمات و23 مليار درهم من ميزانية الدولة. ويضمن هذا النهج اتباع نهج متوازن يشمل المستفيدين المباشرين ومسؤولية الدولة في تحقيق هذه الرؤية الاجتماعية. إذ أتاحت المرحلة الأولى من الورش، الذي يشمل تعميم التأمين الصحي الأساسي، لـ 22 مليون مغربي الوصول إلى التغطية الصحية. ويمثل هذا تقدما كبيرا نحو هدف ضمان حصول جميع المواطنين على الرعاية في الظروف المثلى.

وبعد هذه المرحلة الناجحة، يتجه الورش نحو المرحلة الثانية، التي تنص على توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل مجالات أخرى، مثل التقاعد والتعويض عن فقدان العمل. ويعكس هذا الانتشار التدريجي الالتزام المستمر بتحقيق أهداف الحماية الاجتماعية في المغرب. وقد تم دعم الجانب التشريعي للبرنامج من خلال اعتماد العديد من المراسيم، أي 22 مرسومًا لتنفيذ قانون "أمو" الأساسي لفئات محددة، ولا سيما المهنيين والحرفيين والتجار والمقاولين الذاتيين الذين يشتغلون في نظام المهن الحرة أو النظام المالي. والهدف النهائي هو تعميم  الحماية الاجتماعية على جميع المواطنين.

ومن الناحية العملية، بُذلت جهود كبيرة لتسريع عملية تحصيل الاشتراكات وتحسين معدلات التحصيل. إن إحداث مؤسسات مثل الهيئة العليا للصحة، والوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية، وكذا الوكالة المغربية للدم ومشتقاته، يعزز البنية التحتية اللازمة لدعم هذا الورش الكبير. وفيما يتعلق بالتمويل، فإن المشاركة النشطة للفئات المستهدفة أمر بالغ الأهمية. ويأتي حوالي 50% من المبلغ المخصص من مساهمات هذه الفئات، في حين يتم تغطية الـ 50% المتبقية من ميزانية الدولة. كما تساعد آليات مثل مساهمة التضامن الاجتماعي على الأرباح والدخل، وكذلك ضريبة الاستهلاك الداخلي على بعض المنتجات، في تمويل الصندوق المخصص للحماية الاجتماعية. وتعتبر حكامة هذا الورش شرطا لا غنى عنه لنجاحه.

ولتحقيق هذه الغاية، تم إنشاء هياكل مثل اللجنة المشتركة بين الوزارات لتوجيه إصلاح نظام الحماية الاجتماعية. وتهدف هذه المنظمات إلى التنسيق والإشراف على الجهود اللازمة لتنفيذ هذا الإصلاح الاجتماعي الكبير. وإلى جانب التمويل والحكامة، تعتبر الإصلاحات الهيكلية ضرورية لضمان نجاح هذا الورش الملكي. ومن بين هذه التدابير الإصلاح التدريجي للتعويضات، وتسريع إنشاء السجل الاجتماعي الموحد (RSU)، وبرمجة الاعتمادات اللازمة لإصلاح النظام الصحي الوطني، وهي من بين التدابير المتخذة.

ولدعم تعميم الحماية الاجتماعية، تم إطلاق أنظمة لتحديد واستهداف الأفراد المؤهلين للبرامج الاجتماعية المختلفة. يتيح السجل الوطني للسكان (RNP) تحديد المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، في حين تحدد وحدة الدعم الاجتماعي البرنامج الاجتماعي المناسب لكل مواطن. تعتبر هذه الأدوات، التي تديرها وكالة السجل الوطني (ANR)، ضرورية لضمان التوزيع العادل للمساعدة الاجتماعية. وفي الوقت نفسه، تمثل التعويضات العائلية جانبا أساسيا من نهج الحماية الاجتماعية هذا. وتشمل التفاصيل النهائية للمنح العائلية فئات مختلفة تهدف إلى دعم الأسر المغربية المحتاجة. وستحصل الأسر الفقيرة والضعيفة على مساعدة شهرية بحد أدنى 500 درهم، مع إمكانية زيادتها حتى 1000 درهم حسب عدد الأطفال.

تختلف التعويضات حسب سن كل طفل، إذ تستفيد  الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و 5 سنوات من 200 درهم  شهريا، وتزداد تدريجيا إلى 300 درهم في الشهر ، وذلك خلال سنة 2026. وستستفيد الأسر الكبيرة من مساعدة إضافية قدرها 36 درهم  في الشهر ، بالنسبة لكل طفل إضافي يزيد عن ثلاثة أطفال. وكما سيستفيد الأطفال الملتحقين بالمدارس،و الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة.

وستحصل الأرامل اللواتي لديهن أطفال على مبلغ يتراوح بين 350 درهم و400 درهم شهريا بحلول سنة 2026، وستحصل الأسر التي ليس لديها أطفال أو التي لديها أطفال بالغين على مبلغ ثابت قدره 500 درهم شهريا. وفي الختام، فإن المغرب ملتزم التزاما حازما بمسار الحماية الاجتماعية المعممة، بما يعكس الرؤية الإنسانية والاجتماعية للملك محمد السادس. ويندرج هذا المشروع الضخم في إطار ديناميكية العدالة الاجتماعية والإنصاف والحفاظ على كرامة جميع المغاربة، مما يمهد الطريق لمستقبل يستفيد فيه كل مواطن من التغطية الاجتماعية الكافية.