تكاليف تهيئة العقارات المستعملة تلهب جيوب الملاك الجدد

آخر الأخبار - 16-08-2022

تكاليف تهيئة العقارات المستعملة تلهب جيوب الملاك الجدد

اقتصادكم


تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن ثلثي الأسر تمتلك منازلها، إذ يفضل المغاربة خيار اقتناء السكن على الإيجار، إلا أن عملية البحث عن سكن مناسب، أصبحت "مهمة مستحيلة" من وجهة نظر عدد كبير من الملاك الجدد، بالنظر إلى ظروف السوق الحالية، التي تتسم بارتفاع قياسي في الأسعار، وندرة العروض "المناسبة" لذوي الدخل المنخفض في المدن الكبرى. يتعلق الأمر بأسعار بلغت 13 ألف درهما للمتر مربع في أحياء شعبية في البيضاء، وهو الأمر الذي يكشفه تحيين الأسعار المرجعية للعقارات، الذي أجرته المديرية العامة للضرائب حديثا.


وهربا من حرائق الأسعار في المشاريع العقارية الجديدة، تحول عدد مهم من الباحثين عن مسكن إلى الاهتمام بعروض السكن المستعمل "أوكازيون"، كما يحلو للسماسرة والوكلاء العقاريين مناداته. شقق سكنية ذات مساحة معقولة، يصل عمرها إلى عشرة سنوات أو أكثر، تمثل "همزة" بالنسبة إلى الراغبين في اقتناء سكن، إذ يقل سعر المتر مربع فيها عن الجديد بنسبة تصل إلى 40 % في بعض الأحيان، إلا أن العارفين بخبايا السوق العقاري، يؤكدون أنها صفقة تحتمل مخاطر عدة، فاقتناء شقة قديمة وترميمها من جديد، يتطلب مبلغا ماليا مهما، بغض النظر عن "مزايا" السعر والجودة، التي يعتمد عليها السماسرة لتسويق هذا النوع من السكن.

وتزايد إقبال مجموعة من الملاك الجدد لمساكن مستعملة خلال عمليات تجديدها، على خدمات مقاولين متخصصين، ينشطون في أعمال الترميم، وهو الأمر الذي يؤكده إبراهيم، مقاول "طاشرون"، اختار الاستثمار في هذا النوع من الأنشطة، إذ يتوفر على فريق من عشرة عمال، ويباشر العمل في ورشين أو ثلاث في الآن نفسه، بالاستعانة بعناصر أخرى، موضحا أن الطلب على أعمال التجديد تطور أكثر من البناء، وأصبح نشاطا مربحا، علما أن كلفة ترميم بعض الشقق المستعملة، تجاوزت كلفة اقتناءها جديدة في الموقع نفسه، منبها إلى أن الجودة رفاهية يقدرها بعض الملاك، ولا يبخلون في الإنفاق على تحقيقها.

وبهذا الخصوص، أوضحت مريم، موظفة، في تصريح لـ"اقتصادكم"، أن جودة الشقة وجماليتها، كانت وراء قرار اقتناء سكن مستعمل، من أجل توفير المال لأغراض الترميم، إذ أنفقت مبالغ مالية مهمة على سكن اجتماعي مستعمل بمنطقة الألفة بالبيضاء، من خلال تمويل أعمال تبليط بعض المناطق بالرخام والصباغة، وكذا تثبيت نوافذ كهربائية، ومطبخ مجهز "كويزين إيكيبي" وغيرها من الأشغال، التي كلفت في النهاية حوالي 80 ألف درهم، بالنسبة إلى شقة لا تتجاوز مساحتها 56 متر مربعا. 

هذا التوجه ما فتئ يتزايد في صفوف الملاك الجدد، الذين أصبحوا متطلبين بخصوص جودة السكن، سواء كان قديما أو جديدا، وهو الأمر الذي أكدته سهام، مسؤولة تسويق بشركة عقارية في البيضاء، موضحة أن الزبناء يستفسرون خلال معاينتهم للشقة التجريبية، حول جودة مرافق السكن ودقة الأشغال النهائية، وهي ميزة تستغل بشكل رئيسي في تسويق أي مشروع جديد.


وبالعودة إلى المثال الذي ساقه الوكيل العقاري حول تأرجح تكلفة ترميم شقة مستعملة، مساحتها 130 متر مربعا، بين 130 ألف درهما و150 ألفا، فإن شقة بالمساحة نفسها في حي مثل بوركون أو 2 مارس، يمكن أن يصل سعر المتر مربع فيها إلى 15 ألف درهما، لتصل قيمتها إلى 1.95 مليون درهم، فيما ترتفع القيمة إلى 2.1 ملايين درهم، عند إضافة كلفة الترميم المشار إليها، وهي القيمة التي تعادل سعر شقة جديدة بالمناطق نفسها، إذ يصل سعر المتر مربع إلى 18 ألف درهم، أي السعر نفسه لشقة مستعملة في حي المعاريف، الذي يبلغ سعر المتر مربع فيه 20 ألف درهم  بالنسبة إلى السكن الجديد. 

هذه الأسعار والمقارنات التجارية، تأخذ بعين الاعتبار عند اتخاذ قرار اقتناء سكن، وهو الأمر الذي يدركه الوكلاء العقاريون أمثال حسن وغيره، موضحا أن يسأل زبنائه، خصوصا الأزواج الجدد الباحثين عن سكن، عن ميزانيتهم والصيغة التمويلية التي سيعتمدون عليها في شراء سكنهم، قبل تمكينهم من العروض المتوفرة لديه.

 

ارتفاع أسعار مواد البناء


يرتبط تحديد كلفة ترميم السكن المستعمل، بجودة المواد، ذلك أن السلع والمواد ذات القيمة المادية العالية تلهب ميزانية تجديد الشقة، خصوصا خلال الفترة الحالية التي تعرف موجة غلاء مهمة، ترتبط بتطور أسعار المواد الأولية في السوق الدولية.

وتبدأ كلفة الصباغة مثلا، بالنسبة إلى الشقة البالغ مساحتها 130 متر مربعا، من ستة آلاف درهم، لتصل إلى 25 ألف درهما، حسب نوعية المواد المستخدمة، فيما تبلغ كلفة طلاء زخرفي في الصالون والردهة وغرفة المعيشة بسعر يتراوح بين 140 درهما للمتر مربع و180 درهما، لتقفز الكلفة في المتوسط إلى 15 ألف درهما.

وإلى جانب ذلك، هناك بعض أشغال الزينة والإكسسوارات الإضافية، إذ يصل متوسط كلفة جدار حجري إلى أربعة آلاف و500 درهم، ومدخنة إلى 13 ألف درهم، إضافة إلى كلفة تثبيت مكيف هوائي بقيمة ثمانية آلاف درهم.