اقتصادكم
لم تعد زامبيا تكتفي بدورها التقليدي كمصدر للنحاس الخام، بل بدأت تتحرك لتحجز لنفسها مكانًا في قلب الثورة الصناعية الجديدة، مستهدفة موقعًا تنافسيًا في سلاسل توريد مكونات السيارات الكهربائية. وبينما يقف المغرب حاليًا في مقدمة الدول الأفريقية في هذا القطاع بفضل بنيته التحتية الجاذبة وموقعه الإستراتيجي، فإن زامبيا تبدو اليوم مصممة على الدخول في منافسة قوية معه.
وفي خطوة لافتة، دعت الحكومة الزامبية رسميًا شركات صناعة السيارات الكهربائية العالمية إلى إنشاء مصانعها بالقرب من مناجم النحاس في البلاد، وفق ما كشفت عنه منصة الطاقة المتخصصة.
هذا التوجه ليس عشوائيًا؛ فزامبيا تملك ثاني أكبر إنتاج للنحاس في أفريقيا، أحد المكونات الأساسية في البطاريات والأسلاك الكهربائية، وتسعى للاستفادة من هذا المورد الثمين لتحويله إلى قيمة مضافة محليًا بدل تصديره خامًا.
زامبيا: مورد خام ومركز تصنيع
وزير المالية الزامبي، سيتومبيكو موسوكوتواني، أعلن خلال مشاركته في مؤتمر إعلام الأعمال الأفريقي بألمانيا عن محادثات جارية مع شركات دولية لبناء مصانع إنتاج مكونات السيارات الكهربائية في محيط مناجم النحاس. ومع أن البلاد تمتلك أكثر من 2.1 مليار طن متري من احتياطيات النحاس، فإن 80% منه يُعالج خارج حدودها، ما يفتح المجال أمام تحولات صناعية جذرية إن تم الاستثمار الصحيح في التكرير والتصنيع.
تسعى زامبيا إلى التصدير جنوبًا نحو جنوب أفريقيا، أحد أبرز أسواق السيارات الكهربائية في القارة، كما بدأت باستقطاب شركات آسيوية مثل "جونتشينغ ديزاين"، التي تدرس إقامة مصنع لتجميع الدراجات الكهربائية.
المغرب: ريادة حقيقية وخطط توسعية
في الجهة الأخرى من القارة، يواصل المغرب تثبيت أقدامه بقوة في قطاع السيارات الكهربائية، مؤسسًا لبيئة تصنيعية متكاملة تنبني على موقع جغرافي مثالي قرب أوروبا. وأعلنت المملكة عن رفع إنتاجها من السيارات الكهربائية بنسبة 53% ليصل إلى 107 آلاف وحدة سنويًا بنهاية عام 2025، وتوسيع صادراتها إلى 100 دولة.
ولا يتوقف المغرب عند الإنتاج؛ فقد أصبح نقطة جذب استثماري كبرى للشركات الصينية العملاقة، حيث أعلنت شركات مثل "غوتيون"، "تشجيانغ هايليانغ"، و"بي تي آر" عن مشاريع ضخمة لبناء مصانع لإنتاج البطاريات، الكاثودات، والأنودات. كما يُتوقع افتتاح أول مصنع لمكونات البطاريات في يونيو 2025 بالشراكة مع شركة "CNGR".
ويمتلك المغرب ثالث أكبر احتياطي للنحاس في أفريقيا (نحو 3.6 مليون طن)، ويُعد من أكثر الدول تجهيزًا من حيث البنية الصناعية واللوجستية لهذا القطاع.
صراع استراتيجي على المستقبل
التنافس بين المغرب وزامبيا يعكس سعيًا أفريقيًا واسعًا للخروج من عباءة تصدير المواد الخام نحو التصنيع المحلي، وتحديدًا في قطاع يُمثل جوهر التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
فيما يراهن المغرب على بنيته التحتية وتحالفاته الصناعية المتقدمة، تلعب زامبيا بورقة الموارد الوفيرة ومحاولة خلق قيمة محلية مضافة، مدعومة بخطط لوجستية مثل ممر "لوبيتو" واتفاقيات ثلاثية مع الولايات المتحدة والكونغو الديمقراطية لتطوير سلاسل توريد بطاريات السيارات الكهربائية.