اقتصادكم
تسببت الاضطرابات الوبائية في الوظائف والأجور وظروف المعيشة، ومن ثم الحرب الروسية في أوكرانيا، والأزمة المصرفية في الولايات المتحدة، وارتفاع التضخم وتغييرات أسعار الفائدة، في التأثير على أسواق الإسكان في العديد من البلدان، التي تشهد حالياً هبوطاً في أسعار العقارات.
ولعبت أسعار الفائدة دوراً مهماً في خفض أسعار المنازل، جنباً إلى جنب مع الدخل والنمو السكاني وعوامل العرض المختلفة، مثل تكاليف البناء واللوائح. هناك قاعدة عامة تستند إلى الأدلة عبر البلدان، وهي أن كل زيادة بمقدار نقطة مئوية واحدة في أسعار الفائدة الحقيقية تبطئ وتيرة نمو أسعار المنازل بنحو نقطتين مئويتين، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي، إلا أن هبوط أسعار المساكن كان بنسب مهمة في عدد من الدول.
وبالنسبة إلى مقتنصي الفرص العقارية خلال الأزمات، فهذه الدول الكبرى تقدم صفقات جيدة للشراء حاليا.
والبداية بالدنمارك، إذ هبطت أسعار المنازل في الدنمارك بنسبة 5.91%، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي حتى ماي، إلا أن التوقعات الجديدة تُظهر زيادة التشاؤم من البنك المركزي الدنماركي بشأن اتجاهات أسعار المنازل في 2023، بالنظر إلى التوقعات السابقة من شتنبر 2022 التي رجحت انخفاضاً بنسبة 5.6 % السنة الجارية.
ووفق تقرير نشره موقع "ذا لوكال" الدنماركي، من المتوقع حدوث انخفاض فعلي في أسعار المنازل هذا العام بنسبة قد تصل إلى 9.4%، بحسب بيانات البنك المركزي. يأتي ذلك بالتزامن مع الزيادات الحادة في أسعار الفائدة (من 0.5% إلى 1.75%).
وتأتي نيوزيلندا في المرتبة الثانية من حيث حدة هبوط أسعار المساكن، بحسب بيانات صندوق النقد، والتراجع وصلت نسبته إلى 5.21% حتى ماي.
وتقول "نيويورك تايمز" في تقرير لها منذ يومين، إن نيوزيلندا هي أحد أسواق الإسكان الأكثر اضطراباً في العالم. حيث على مدار الـ18 شهراً الماضية، فقد أصحاب المنازل والمستثمرون مليارات الدولارات من الثروات، بعد أن بدأت الأسعار التي ارتفعت خلال جائحة كوفيد في الانخفاض مع ارتفاع معدلات الرهن العقاري أيضاً.
وهكذا يبدو مستقبل سوق العقارات الأميركية في ظل تثبيت سعر الفائدة. وانخفضت مبيعات المنازل إلى مستوى قياسي في الأشهر الثلاثة حتى دجنبر، وتبقى المنازل الآن في السوق لمدة 47 يوماً في المتوسط، مع بقاء بعضها لعدة أشهر.
وأمضى جيمس فابر، وهو مشغل مستودع ومستثمر عقاري، شهوراً في محاولة بيع عقار مع تراجع السوق. بيع في النهاية بحوالي 360.000 دولار نيوزيلندي، أي أقل بمقدار 130.000 ما كان يأمل. في الشهر الماضي، في محاولة لتجنب انتظار مماثل، قام فابر، بإدراج عقار آخر بيع بـ400 ألف دولار نيوزيلندي، وهو أقل بكثير من سعره، وهو 570 ألف دولار نيوزيلندي قبل 18 شهراً.
وتراجعت أسعار المساكن في السويد بنسبة 4.59% حتى الشهر الماضي، بحسب بيانات صندوق النقد. وظلت السويد منذ سنوات تحذّر من أن سوق الإسكان المختل الذي يعاني من نقص المعروض ويظل عالقاً بالمعدلات المنخفضة والمزايا الضريبية السخية يمثل خطراً على الاقتصاد الأوسع.
والآن أصبحت هذه المخاطر حقيقة واقعة. الأسر التي لديها قروض عقارية كبيرة تكبح جماح الإنفاق مع ارتفاع أسعار الفائدة، وبناة المنازل يسحبون قابس الاستثمار، ويدفعون السويد إلى الركود، وفقاً لتقرير نشرته رويترز.
وبعد سنوات من تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية، أدى الوباء وحرب أوكرانيا إلى مزيج سام من التضخم المرتفع وأسعار الفائدة المتزايدة بسرعة في العديد من البلدان. لكن في السويد، فإن المشاكل الهيكلية المتجذرة في سوق الإسكان لديها تضخم الآثار.
فقد تضاعفت أسعار المساكن في السويد أربع مرات تقريباً في السنوات العشرين الماضية، حيث تجاوزت بسهولة نمو الأجور، مدعومة بإعفاءات ضريبية سخية على الرهن العقاري، وضرائب عقارية شبه معدومة وسوق إيجارات مع محدودية العرض بسبب اللوائح الصارمة.
وأما في كندا، فقد تراجعت أسعار المساكن 4.33% حتى مايو، وتقول مؤسسة الرهن العقاري والإسكان الكندية في تقرير نشرته في أبريل إنه يستمر ضعف النمو الاقتصادي في التأثير على سوق الإسكان في 2023، ونتيجة لذلك "نتوقع انخفاض أسعار المنازل على المستوى الوطني من مستويات عام 2022. تتوافق توقعاتنا مع خبراء آخرين في الصناعة".
وتابعت: "يرجع انخفاض الأسعار إلى حد كبير إلى الآثار السلبية لارتفاع معدلات الرهن العقاري، بالإضافة إلى تباطؤ الدخل ونمو الوظائف. هذه العوامل تجعل من الصعب على المشترين المحتملين شراء منزل".
ووفي حين أن أسعار المساكن تتناقص بشكل عام، إلا أنها ما تزال مرتفعة في بعض الأسواق. تعني الأسعار المرتفعة المقترنة بزيادة معدلات الرهن العقاري والعرض المحدود للمساكن الجديدة أن تكلفة امتلاك المنازل ستكون أقل في 2023.
وتراجعت أسعار المساكن بنسبة 4.09% في كولومبيا، بحسب صندوق النقد، ويشرح موقع "بلومبيرغ" أن هذا البلد شهد انخفاضًا بنسبة 53% في مشتريات العقارات السكنية خلال الشهرين الأولين من هذه السنة، مقارنة بالفترة نفسها من 2022.
وتُظهر الأرقام من غرفة البناء الكولومبية (Camacol)، أنه في الشهرين الأولين من 2023، بلغ إجمالي مبيعات المساكن 23100 وحدة، بانكماش بنسبة 53 %.
وأدى الانخفاض في مبيعات المنازل إلى قرع أجراس الإنذار، حيث يُعد قطاع البناء من أكبر مولدات الوظائف في الدولة، مما يجعل أداءه الجيد مفتاحًا لتحقيق النجاح في مؤشرات أخرى، مثل البطالة والاستهلاك المنزلي.
وبالإضافة إلى ذلك، يعد قطاع البناء سادس أهم قطاع اقتصادي في كولومبيا، إذ يمثل 5.1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.