اقتصادكم
تكشف البيانات الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط (HCP) عن تحوّل عميق في الاقتصاد المغربي: تزايد التداخل بين القطاعين المهيكل وغير المهيكل حيث أصبح هذا الأمر جزءًا من المنظومة الاقتصادية، ويطرح تحديات كبيرة في مجال الحوكمة، والعدالة الضريبية، والمساواة الاجتماعية.
ويرى المحلل الاقتصادي حسن إدمان أن هذه العلاقة قد تخلق منفعة خارجية إيجابية إذا ما تم التعامل معها بسياسة عامة مناسبة، مؤكدا «يمكن لهذا التداخل أن يكون أداة لتصحيح بعض الإخفاقات المؤسسية في الاقتصاد الرسمي، شريطة وجود إطار تنظيمي صارم.»
لكن غياب التنظيم يعزز من ازدواجية اقتصادية تتمثل في شركات رسمية ملتزمة بالضرائب والتنظيمات؛ وأخرى غير رسمية تتمتع بمرونة وتكاليف أقل دون الالتزام بالضريبة أو الضمان الاجتماعي.
تشويه السوق ودعم لظروف عمل غير عادلة
ودفعت جاذبية التكلفة والمرونة بعض الشركات الرسمية إلى التهرب عبر الاستعانة بالقطاع غير المهيكل، أو تقطيع نشاطها إلى وحدات صغيرة للاستفادة من تسهيلات مثل نظام المقاول الذاتي، حيث تضر هذه الممارسات بالمنافسة وتفاقم الفوارق بين العمال من حيث الحقوق الاجتماعية.
تهديد العائد الديموغرافي والابتكار
عدم التمكن من إدماج القطاع غير المهيكل بذكاء قد يحرم المغرب من لاستفادة الكاملة من العائد الديموغرافي المتوقع حتى 2038 ودمج المؤسسات الصغيرة في الاقتصاد الرقمي بسبب نقص التدريب والتمويل والأدوات الرقمية.
ويرى إدمان أن الحل يكمن في تعزيز الالتزامات المتبادلة: المحاسبة، الفوترة، الولوج إلى التمويل وإطلاق برامج دعم وتكوين موجهة للقطاع غير الرسمي وبناء جسور ضريبية ورقمية تدريجية بدلاً من فرض انتقال قسري.
لا يجب أن يكون السؤال: هل نلغي القطاع غير الرسمي أم ندمجه؟ بل كيف نحول هذا التداخل إلى قوة تحرك تنموية، تحفظ الحقوق الاجتماعية، وتحافظ على قواعد المنافسة العادلة؟
عن "فينونس نيوز" بتصرف