كيف يمكن لمقاربة "النكسوس" تعزيز الأمن المائي والطاقي والغذائي في المغرب؟

آخر الأخبار - 08-02-2025

كيف يمكن لمقاربة "النكسوس" تعزيز الأمن المائي والطاقي والغذائي في المغرب؟

اقتصادكم

 

تهدف خارطة الطريق الوطنية التي دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى وضعها، إلى تحقيق التوازن بين الاستدامة والنجاعة والقدرة على الصمود، من خلال الترابط بين الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية المعروفة بـ"مقاربة النكسوس".

وعلى هامش الدورة الثانية من منتدى “Nexus WEFE” في طنجة، كشف الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يونس بن عكي أن الغاية الأساسية من هذه الآلية تتمثل في ضمان دمج هذه المقاربة بكيفية ممنهجة في جميع مراحل اتخاذ القرار، سواء على المستوى المركزي أو الترابي، من أجل ضمان تدبير منسق ومستدام للموارد الطبيعية بالمغرب.

وأعد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في إطار إحالة ذاتية، تقريرا شاملا حول مقاربة النكسوس في قطاعات الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية، باعتبارها مقاربة شمولية تستكشف أوجه التفاعل والترابط الأساسية بين هذه القطاعات. كما قدم مقترحات عملية لفهم هذه الترابطات المعقدة وسبل تحويلها إلى رافعات استراتيجية تخدم التنمية المستدامة والشاملة، وذلك بما يضمن قدرة البلاد على الصمود .

وتتسم قطاعات الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية بترابط وثيق فيما بينها، حيث تؤثر الديناميات التي يشهدها أي قطاع بشكل مباشر أو غير مباشر على القطاعات الأخرى، وتبرز أوجه الترابط هذه أهمية اعتماد تدبير منسق ومندمج للموارد الطبيعية، يوازن بين تلبية الاحتياجات الخاصة بكل قطاع واستيعاب التفاعلات التي تجمع بينها .

في هذا الصدد، تطرح مقاربة «النكسوس» حلولا مبتكرة لمواجهة التحديات المعقدة التي تواجه هذه القطاعات المترابطة، وذلك عبر تعزيز التآزر بينها للحد من التسويات القسرية للمقاربات القطاعية في التدبير واستغلال الموارد. وتعتمد مقاربة النكسوس على دمج القطاعات ضمن إطار مشترك، مما يتيح أدوات أكثر فعالية في ترشيد استغلال الموارد الطبيعية. وبالتالي لا يقتصر هذا النموذج المندمج على الإسهام في تخفيف التوترات القائمة بين القطاعات فحسب، بل يمتد إلى تحقيق منافع مشتركة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وفي هذا الإطار، قدم المجلس مجموعة من التوصيات سيما إحداث آلية للتنسيق بين القطاعات على المستوى المركزي والجهوي، مكلفة بإعداد وتتبع خارطة الطريق، وتقوية الإطار التشريعي والتنظيمي لقطاعات الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية من خلال إدماج مبادئ مقاربة النكسوس، والحرص على أن تُجسّد المشاريع الممولة، بما فيها تلك المنجزة ضمن إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مبادئ هذه المقاربة، والتركيز على إبراز هذه المقاربة في طلبات التمويل الموجهة إلى المؤسسات المالية الدولية.

  كما أوصى المجلس بتفعيل هيئات ضبط قطاعات الماء والطاقة مع الحرص على اعتماد مقاربة النكسوس وتطبيق مبادئها، وتعزيز قدرات الفاعلين والأطراف المتدخلة في تنفيذ مقاربة النكسوس من خلال تطوير برامج للتكوين وتشجيع البحث والابتكار، وتنظيم حملات تحسيسية منتظمة موجهة للفاعلين والمسؤولين عن التدبير، لتعميق فهمهم لأهمية مقاربة النكسوس وما توفره من مزايا، مع التنبيه إلى المخاطر المرتبطة بتدبير القطاعات المعنية وفق مقاربات قطاعية مجزأة.

  وأشار بن عكي إلى أن “تبني هذه المقاربة ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة ملحة تفرضها التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة”، مبرزا أن “إدماج مقاربة النكسوس وأخذها بعين الاعتبار في قطاعات استراتيجية أخرى يمكن أن يشكل رافعة حاسمة لتنسيق الجهود القطاعية، بما يضمن تعزيز الالتقائية على مختلف مستويات تنفيذ السياسات العمومية”

  واعتبر أن الاندماجية الفعلية بين قطاعات الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية “لم تصل بعد إلى الهدف المنشود، بحيث أن القرارات المتخذة تتم وفق مقاربة قطاعية غالباً ما تغفل أوجه الترابط بين هذه القطاعات، وهو ما يحول دون الاستغلال الأمثل للموارد ويُضعف قدرة المجالات الترابية على الصمود، ويحدّ من فعالية السياسات العمومية ذات الصلة”.

  وذكر بن عكي أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إطار رأيه المعنون “النكسوس في مجالات الماء-الطاقة-الغذاء النظم البيئية : تدبير أنجع للموارد الطبيعية تعزيز التآزر والحد من المخاطر المشتركة بين القطاعات في المغرب”، توصل إلى أن ضمان تدبير فعال للموارد الطبيعية في المغرب يستلزم تعزيز التآزر بين القطاعات من خلال تبني مقاربة النكسوس التي تشمل الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية ودمج هذه القطاعات ضمن إطار مشترك، مما يتيح أدوات أكثر فعالية في ترشيد استغلال الموارد الطبيعية.

  على سبيل المثال، توقف الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي عند نموذج محطة تحلية المياه في الدار البيضاء، والذي يعتبر تجسيدا حقيقيا لتطبيق مقاربة النكسوس في مجالات الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية (WEFE) ، مسلطا الضوء على التوازنات الدقيقة المطلوبة بين هذه الأبعاد الأربعة لضمان تدبير مستدام ومندمج.

  وأوضح أن هذا المشروع يتيح الاستجابة في آن واحد لمجموعة من التحديات، مع إبراز الصعوبات المترتبة على اختيار الأولويات بين هذه القطاعات المختلفة، ومن بينها تلبية الطلب المتزايد على مياه الشرب والري واعتمادها الكامل على الطاقات المتجددة، في خيار استراتيجي يهدف إلى تقليص بصمتها الكربونية وتحسين فعالية عملية التحلية، وتخصيص 50 مليون متر مكعب من المياه المحلاة للاستخدامات الفلاحية مما يعزز الأمن الغذائي على مستوى الجهات، ودمج البعد البيئي بعناية في المشروع من خلال استخدام تقنيات تحلية المياه المتطورة التي تحد من التأثيرات البيئية.