اقتصادكم - سعد مفكير
تعاني الأسر المغربية من توالي المناسبات ونفقاتها التي تثقل كاهل الأسر، وتضعهم في مواجهة مباشرة مع مستلزمات المعيشة، ونفقات تشكل ضغطاً على ميزانياتها، التي تتخبط منذ شهر رمضان من أجل ضمان توازن مالي يصعب تحقيقه.
وتعالت الأصوات في مواقع التواصل الاجتماعي المنددة بغلاء الأسعار وتوالي المحطات التي تنفق فيها الأسر ما ادخرته أو اقترضته، من شهر رمضان ثم عيد الفطر وعيد الأضحى إلى العطلة الصيفية والدخول المدرسي، كما ارتفعت نفقات الأسر وتدهورت وضعيتها المالية خلال السنتين الأخيرتين، حسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط.
وقال المحلل الاقتصادي مهدي فقير، في حديثه مع موقع "اقتصادكم" إن تزامن عدد من المناسبات من قبيل عيد الأضحى والعطلة الصيفية والدخول المدرسي، خلق نوعا من الضغط على ميزانية الأسر، مضيفا أن هذه الظرفية الحالية تعرف ارتفاعا وغلاء للأسعار، بالإضافة إلى ضغوطات تضخمية أدت إلى استنزاف الموارد المالية للاسر.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن الأسر المغربية، ولاعتبارات ذات طابع مجتمعي وثقافي، ورغم هذه الضغوط، تريد دائما الالتزام بهذه الطقوس الاجتماعية وذلك قد يخلق ضغطا على مواردها المالية.
وأدى تتابع المناسبات بالإضافة إلى التضخم، حسب المتحدث ذاته، إلى ارتفاع الأسعار واستنزاف موارد الأسر سواء تعلق الأمر بالإدخار أو العوائد المالية، وذلك نتيجة أيضا لعوامل لها علاقة بالعرض والطلب بفعل الجفاف وكذلك بعدم التحكم بسلاسل التوريد والتوزيع، موضحا أنه هناك تساؤلات أيضا حول دور الوسطاء والمضاربين في هذا الارتفاع.
واعتبر المتحدث ذاته، في حوار مع موقع "اقتصادكم"، أن الادخار هو الحل على المدى المتوسط والبعيد بمعنى أنه على الأسرة أن تكون لها دائما شبكة الاحتياط، وأضاف:" الادخار شيء وأن يقترض المواطن لمواجهة المعيشة اليومية شيء أخر، الإنسان حينما يقترض من أجل تمويل نفقات ذات طابع ثانوي وليست ذات طابع إلزامي وأولي فهذا يؤدي إلى التعثر والإفلاس والغرق في دوامة القروض ويصبح من الصعب الخروج".
وأكد المحلل الاقتصادي أن الاقتراض ليس حلا بل يعد إشكالا هيكليا يستدعي تدخل الدولة لدعم كلفة المعيشة مثل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، لأنه حينما يصل الإنسان إلى أن لا يسمح له مدخوله بتجاوز عتبات النفقات المعيشية اليومية فهذا مشكل كبير جدا و"سقطة إلى المجهول".
وختم مهدي فقير، في حديثه مع موقع "اقتصادكم" بالقول إنه لا يمكن أن نقبل أن تكون ثقافة الاستهلاك لدى المواطن المغربي غير محمودة العواقب، مشيرا إلى أنه حينما تصبح ثقافة الاستهلاك هي الطاغية وأن يصبح الاستهلاك يتجاوز مستوى الدخل نصبح أمام إشكال يسائل ثقافة المواطن. مضيفا أنه يجب أن تكون هناك ثقافة الادخار واستحضار المستقبل والإعداد له، لأن وسائل الاحتياط الاجتماعي، وإن وجدت، تستدعي دائما وجود إدخار ونظرة استباقية تتعلق بالنفاقات التي ترتفع مع مرور الزمن، والحل، حسب المتحدث ذاته، يقتضي إعادة الاعتبار لثقافة الادخار والترشيد والنظرة الاستباقية وعدم الانغماس في ثقافة استهلاكية.