من الفقر إلى الهشاشة.. خريطة جديدة ترصد واقع المغاربة في 2024

آخر الأخبار - 22-05-2025

من الفقر إلى الهشاشة.. خريطة جديدة ترصد واقع المغاربة في 2024

اقتصادكم

 

أعدت المندوبية السامية للتخطيط خريطة وطنية للفقر متعدد الأبعاد بالمغرب، انطلاقًا من معطيات الإحصاءين العامين للسكان والسكنى لسنتي 2014 و2024، بهدف فهمٍ أدقٍ لأوجه الحرمان المرتبطة بالعجز الاجتماعي في مجالات التعليم، والصحة، والسكن، والولوج إلى البنيات التحتية الأساسية.

وتتيح هذه الخريطة قراءة مندمجة لمظاهر الهشاشة البنيوية والفوارق الاجتماعية على المستويات الجهوية والإقليمية والجماعية، وتشكل أداة عملية لتوجيه السياسات العمومية الملائمة لمختلف المجالات الترابية، في إطار الجهوية المتقدمة.

وأوضحت المندوبية أن مقاربة قياس الفقر المطلق، التي تعتمد حصريًا على التوزيع الاجتماعي لنفقات الأسر، لا تعكس سوى جانب جزئي من الواقع المعيشي، لأنها تغفل الحرمان المرتبط بالتعليم والصحة والسكن، وكذا الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية. في المقابل، تأخذ مقاربة الفقر متعدد الأبعاد بعين الاعتبار مختلف أوجه الحرمان، استنادًا إلى ثلاثة أبعاد رئيسية: التعليم، والصحة، وظروف العيش، مرجحة بشكل متساوٍ. وتُصنف الأسرة على أنها فقيرة إذا كانت تراكم حرمانًا يُمثل على الأقل 33% من المؤشرات المعتمدة.

وعلى الصعيد الوطني، سجل الفقر متعدد الأبعاد بين سنتي 2014 و2024 تراجعًا ملحوظًا، حيث انخفضت نسبة السكان في وضعية فقر من 11,9% إلى 6,8%، وتقلص عدد الفقراء من حوالي 4 ملايين إلى 2,5 مليون نسمة. كما تراجعت شدة الفقر من 38,1% إلى 36,7%، وانخفض مؤشر الفقر متعدد الأبعاد من 4,5% إلى 2,5%.

ورغم هذا التقدم، فإن الفوارق المجالية لا تزال قائمة، حيث يُعد الفقر متعدد الأبعاد ظاهرة قروية بالدرجة الأولى، إذ يقيم حوالي 72% من الفقراء في الوسط القروي سنة 2024، مقابل 79% سنة 2014. وسجل معدل الفقر القروي تراجعًا من 23,6% إلى 13,1%، لكنه لا يزال يفوق بأكثر من أربع مرات المعدل الحضري الذي بلغ 3,0% سنة 2024.

كما تراجع معدل الهشاشة إزاء الفقر من 11,7% سنة 2014 إلى 8,1% سنة 2024، ما يمثل نحو 3 ملايين شخص لا يزالون في وضعية هشاشة، 82% منهم يقيمون في الوسط القروي.

وسجلت جميع جهات المملكة تراجعًا في معدل الفقر متعدد الأبعاد خلال العقد الأخير، أبرزها جهة مراكش-آسفي (7,9- نقطة مئوية)، وجهة بني ملال-خنيفرة (7,5- نقطة)، وجهة طنجة-تطوان-الحسيمة (6,8- نقطة)، وجهة درعة-تافيلالت (6,7- نقطة). فيما سجلت جهات الجنوب والجهات الحضرية الكبرى تراجعات محدودة، مثل جهة العيون-الساقية الحمراء (0,9- نقطة)، وجهة الداخلة-وادي الذهب (2,0- نقطة)، وجهة الدار البيضاء-سطات (2,4- نقطة)، وجهة الرباط-سلا-القنيطرة (3,4- نقطة).

وفي سنة 2024، تجاوزت ست جهات المعدل الوطني للفقر متعدد الأبعاد (6,8%)، أبرزها جهة بني ملال-خنيفرة (9,8%) وجهة فاس-مكناس (9,0%). بينما سجلت أدنى المعدلات في جهة العيون-الساقية الحمراء (2,4%) وجهة الداخلة-وادي الذهب (2,5%).

وتُركز خمس جهات ما يقارب 70% من مجموع الفقراء: جهة فاس-مكناس (16,2%)، جهة مراكش-آسفي (15,7%)، جهة الدار البيضاء-سطات (13,5%)، جهة الرباط-سلا-القنيطرة (11,9%)، وجهة طنجة-تطوان-الحسيمة (11,5%).

أما الهشاشة تجاه الفقر، فتميزت بفوارق جهوية واضحة، حيث سجلت جهة درعة-تافيلالت معدلًا بلغ 11,8%، وجهة مراكش-آسفي 11,5%. كما تجاوز المعدل الوطني في ثلاث جهات أخرى: جهة فاس-مكناس (9,1%)، وجهة بني ملال-خنيفرة (9,0%)، وجهة طنجة-تطوان-الحسيمة (8,8%). وتضم هذه الجهات الخمس حوالي 60% من السكان في وضعية هشاشة، أي ما يناهز 1,7 مليون شخص.

وعلى مستوى الأقاليم، سجل الفقر متعدد الأبعاد انخفاضًا شبه شامل في جميع العمالات والأقاليم الـ75، حيث تراجعت المعدلات بشكل بارز في أقاليم أزيلال (16,7- نقطة)، شيشاوة (14,8- نقطة)، الصويرة (13,8- نقطة)، فكيك (12,5- نقطة)، الفحص أنجرة وشفشاون (12,4- نقطة)، اليوسفية (11,8- نقطة)، ميدلت (11,5- نقطة)، الحوز (11,0- نقطة)، آسا الزاك (10,9- نقطة)، وجرسيف (10,3- نقطة). في المقابل، بقي التغيير محدودًا في المناطق الأقل فقرًا سابقًا مثل الدار البيضاء (0,3- نقطة)، الرباط (0,5- نقطة)، العيون (0,6- نقطة)، والمحمدية (0,8- نقطة).

ورغم التحسن، لا تزال جيوب الفقر قائمة، حيث سجل إقليمان قرويان معدلات تفوق 20%: فجيج (24,1%) وتاونات (21,1%). كما تجاوزت المعدلات ضعف المعدل الوطني في خمسة أقاليم: أزيلال (17,0%)، شيشاوة (15,1%)، الصويرة (14,8%)، تازة (14,4%)، ووزان (13,6%)، والتي تضم حوالي 20% من مجموع الفقراء.

أما الهشاشة، فقد تجاوزت 20% في خمسة أقاليم: تاونات (22,9%)، شفشاون (21,7%)، شيشاوة (21,1%)، زاكورة (20,3%)، ووزان (20,0%). كما تراوحت بين 15% و20% في ثمانية أقاليم أخرى، أبرزها الصويرة، مولاي يعقوب، اليوسفية، الحسيمة، سيدي قاسم، سيدي بنور، أزيلال، والرحامنة. وتشكل هذه الأقاليم الثلاثة عشر نحو 31,6% من مجموع السكان في وضعية هشاشة.

وفيما يخص الجماعات، فقد سُجل اتجاه عام نحو انخفاض الفقر في 93,8% منها، مع تحسن أوضح في الوسط القروي (95,5%) مقارنة بالوسط الحضري (88,4%). وبلغ متوسط الانخفاض في الجماعات القروية التي كان فيها معدل الفقر يتجاوز 30% حوالي 45%، مقابل انخفاض بـ23% في الجماعات التي سجلت معدلات أقل من 5% سنة 2014.

وفي سنة 2024، سجلت 50,5% من الوحدات الترابية معدلات فقر أقل من 10%. بالمقابل، بلغت معدلات الفقر أكثر من 20% في 16,3% من الوحدات.

وفي المناطق الحضرية، سجلت 72,4% من الوحدات معدلات فقر دون 5%، مقابل 34,9% فقط في المناطق القروية. كما أن 8,1% من الجماعات القروية سجلت معدلات فقر تفوق 30%.

وأبرزت الدراسة الدور الهام للسياسات العمومية، وخاصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في هذا التراجع، حيث انخفض معدل الفقر في 702 جماعة قروية مستهدفة من 27,8% سنة 2014 إلى 15,5% سنة 2024، مقابل تراجع من 19,0% إلى 10,6% في الجماعات غير المستهدفة.