اقتصادكم

تستعد جهة بنسليمان لاحتضان أحد أبرز المشاريع الرياضية في المغرب من حيث البنية التحتية: الملعب الكبير الحسن الثاني للدار البيضاء. ويُعد هذا المشروع الضخم تحت إشراف شركة سونارجيس (SONARGES)، بتفويض من الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة (ANEP). 

ودخل المشروع مرحلة حاسمة حيث ظفر تحالف SGTM وTGCC بالصفقة الخاصة بالحصة الثانية من المشروع التي تشمل أشغال البناء الكبرى، العزل، الهيكل المعدني، التكسية، الأسقف المعلقة، النجارة والطلاء بقيمة مالية قدرها 3,2 مليار درهم.

صفقة ضخمة لمشروع استثنائي

تم إطلاق طلب العروض هذا تحت المرجع 02/2025/GSC، وتم فتح الأظرفة يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025. وخضعت العملية لأحكام المرسوم رقم 2-22-431 المؤرخ في 8 مارس 2023 المتعلق بالصفقات العمومية، بهدف اختيار شركة أو مجموعة شركات قادرة على تنفيذ مشروع معقد تقنياً ولوجستياً.

ويُقدر تكلفة المشروع بـ3,23 مليار درهم شامل الرسوم، مع ضمانة مؤقتة بقيمة 45 مليون درهم. ويدخل هذا المشروع في إطار الاستراتيجية الوطنية للاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030، التي سينظمها المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال. وقد تم تصميم الملعب الكبير الحسن الثاني ليطابق أعلى معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).

الحصة رقم 2: مرحلة الحسم

تشمل هذه الحصة، حسب الوثائق المتوفرة في بوابة الصفقات العمومية، أشغالاً محورية تتجاوز البناء التقليدي، منها:

- خرسانة مسلحة بجودة استثنائية،
- أنظمة عزل وتكسية عالية المقاومة،
- هيكل معدني ضخم ذو امتداد واسع،
- أشغال نجارة داخلية وخارجية،
- تشطيبات راقية (أسقف معلقة، دهانات متخصصة، إلخ).

دراسة جيولوجية شاملة

قام المختبر العمومي للتجارب والدراسات (LPEE) بحملة شاملة لدراسة التربة في موقع المشروع، الواقع على الطريق R313 بين المحمدية وبنسليمان.

وقد كشفت الدراسات عن:

- طبقات جيولوجية معقدة: طين مائل للاحمرار، حجر رملي، وشِيست متشقق حتى عمق 60 متراً،
- اختبارات ضغط وتمدد (Pressiométriques، Dilatométriques، Cross Hole) أثبتت قدرة حاملة عالية للتربة،
- غياب طبقة مياه جوفية على أعماق ضحلة،
- ضعف التأثير الكيميائي للتربة على الخرسانة.

واقترحت الدراسات اعتماد أساسات سطحية مدعمة وأخرى قائمة على ركائز عميقة مغروسة في الحجر الرملي.

مشروع متعدد الأبعاد لتسريع التنمية الجهوية

لن يكون الملعب الكبير للدار البيضاء مجرد إنجاز هندسي، بل سيلعب دوراً محورياً في تحفيز التنمية الجهوية، حيث سيمنح لبنسليمان إشعاعاً جديداً ويعزز جاذبيتها.

وقد تم تصميم هذه المنشأة لتكون متعددة الوظائف، تجمع بين الرياضة، والثقافة، والسياحة، والتنمية الاقتصادية المحلية.

وسيكون احترام الآجال، والتنسيق بين الحصص التقنية، والاندماج البيئي من بين التحديات الكبرى التي ستواجه المشروع خلال الأشهر المقبلة.

وتطرح استضافة المغرب لمونديال 2030 تحديا حقيقيا يرتبط بإدارة البنيات التحتية الرياضية، لا سيما الملاعب التي ستشهد استثمارات ضخمة في البناء والتأهيل والتوسعة. وتبرز هنا أهمية التفكير بشكل استباقي في مستقبل هذه المنشآت بعد انتهاء البطولة، ليس فقط كمرافق رياضية، بل كمحركات اقتصادية واجتماعية وثقافية. 

وتتطلب الملاعب الحديثة صيانة مستمرة وخدمات تشغيل متطورة، مما يجعل خلق مصادر دخل متنوعة ومنتظمة أمرا حتميا. ويشمل ذلك تنظيم مباريات محلية ودولية، وتأجير الملاعب للفعاليات الكبرى، فضلا عن الشراكات التجارية كبيع حقوق التسمية والإشهار حيث تحقق بعض الملاعب العالمية مداخيل سنوية تتجاوز 20 مليون دولار فقط من الأنشطة غير الرياضية، مما يدل على إمكانية تحقيق استدامة مالية من خلال استغلال الإمكانيات التسويقية المتاحة.

ويستوجب ضمان المردودية المستدامة للملاعب المغربية اعتماد تصور شمولي يدمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية، بدل الاقتصار على استغلال موسمي أو ظرفي.