اقتصادكم
لا يستقيم الحديث عن حماية المستهلك دون توعيته وتحسيسه بحقوقه وواجباته خلال مختلف مراحل الاستهلاك، إذ لا يستطيع اتخاذ أي قرار دون التوفر على معلومات دقيقة، حول المنتوج أو الخدمة التي يستهلكها. جهود الترويج لـ"ثقافة المستهلك" على غرار الدول المتقدمة، اصطدمت بمحدودية التعاون من قبل فاعلي القطاعين العام والخاص.
ورغم إحداث وزارة التجارة والصناعة لبوابة إلكترونية تحت اسم "خدمة المستهلك. ما"، ما زالت ثقافة الاستهلاك محدودة، ولم تفلح في تحسينها عديد جمعيات المجتمع المدني، التي يعاني أغلبها ضعف التكوين وقلة الخبرة في التأطير. من خلال حلقات "قيس وعين"، سنحاول توعية المستهلك وتحصينه عند استهلاك خدمات ومنتوجات خاصة، عبر استشارات خبراء.
ترتبط مواسم التخفيضات "الصولد" في المغرب بإعلانات المتاجر والعلامات الكبرى أوربا، استنادا إلى مقولة، "حين تمطر في باريس يحمل الناس المظلات بالمغرب"، ما يؤكد غياب ثقافة التخفيضات التجارية بمفهومها الحقيقي لدى التجار والزبناء، فرغم وجود ترسانة قانونية تنظم هذا النموذج التجاري، يظل المستهلك غير محمي من مجموعة من الخروقات، التي تظهر في صور التدليس والغش التجاريين.
ويلجأ التجار إلى خيار تخفيض الأسعار، باعتباره تقنية تجارية، من أجل تصريف مخزونهم من البضائع وإنعاش مبيعاتهم، يتعلق الأمر بتخفيضات مدروسة تتجاوز نصف السعر الأساسي، سواء تعلق الأمر بالملابس الجاهزة أو الأجهزة الإلكترو منزلية أو سلع أخرى. ورغم تقنين التخفيضات ضمن تدابير حماية المستهلك، إلا أن هناك بطئا في التنفيذ، خصوصا على مستوى المراسيم التطبيقية الخاصة بتنظيم المراقبة، إذ أوكل القانون هذا الدور لموظفي وزارة التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي، عبر المندوبيات الجهوية، فيعين مراقبون محلفون للقيام بهذه المهمة، وهو الأمر الذي تنظر إليه جمعيات حماية المستهلك بعين الريبة، ويتعللون بتنافي دور الوزارة طرفا وحكما في الوقت نفسه، ذلك أنها تعمل على تنمية الأنشطة التجارية، وتراقب أيضا التزام المتاجر ونقط البيع بالإجراءات القانونية الخاصة بالتخفيضات،
ويتحدث بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، عن عدم جواز البيع بالتخفيض، إلا إذا كان مقترنا بإعلان واضح ومقروء للفظة "تخفيض"، موضحا أنه يتعين على التاجر أن يشير في أماكن البيع إلى المنتوج أو السلعة التي يشملها التخفيض، والسعر الجديد المطبق، والقديم المشطوب عليه، مشددا على أنه لا يمكن أن يتجاوز السعر القديم الذي تم التشطيب عليه، السعر الأدنى المعمول به فعلا من قبل البائع، وذلك بالنسبة إلى كل سلعة أو منتوج مماثل، معروض بالمحل نفسه خلال ثلاثين يوما الأخيرة، التي تسبق بداية العمل بالتخفيض.
وينبه الخراطي إلى ضرورة إشارة البائع لمدة التخفيض، مع تحديد بدايته ونهايته، ووجوب التمييز بين السلع والخدمات التي يشملها هذا التخفيض، وكذا تلك غير المعنية بالأمر، مشددا على أن الإعلان خارج أماكن البيع عن "الصولد"، يفترض تحديد تاريخ بداية عملية التخفيض في الإعلان، ومدة هذه العملية، إضافة إلى توضيح طبيعة المنتوجات أو السلع التي تشملها العملية، مؤكدا ضرورة التحقق من أن التخفيضات المعلن عنها، تشمل فعلا تقليصا في الأسعار، بمقارنة المنتوج نفسه في نقط بيع أخرى.