اقتصادكم - سعد مفكير
حمل تقرير المندوبية السامية للتخطيط حول توقعات الظرفية الاقتصادية بالنسبة للفصل الأول والثاني من 2025 مجموعة من الأرقام التي رسمت معالم الاقتصاد الوطني لهذه السنة، منها ما كان إيجابيا ومنها ما يثير مجموعة من التساؤلات حول السياسات العمومية في عدد من القطاعات.
واعتبر الخبير الاقتصادي محمد جدري، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن تقرير المندوبية شمل مجموعة من الأرقام الإيجابية، أبرزها أن يستمر النمو الاقتصادي في الارتفاع بنسبة تصل إلى 3.8% خلال الربع الثاني من عام 2025، مدفوعًا بتحول نحو الارتفاع في الأنشطة الفلاحية واستمرار تحسن الخدمات، وهي أرقام معقولة، حسب المحلل الاقتصادي، بالنظر إلى أن قانون مالية 2025 يتحدث عن 4.6% شريطة تحقيق موسم فلاحي على الأقل متوسط (55 مليون قنطار من الحبوب)، على الرغم من أنه إلى غاية اليوم ليس هناك موسم فلاحي متوسط.
وأوضح مدير مرصد العمل الحكومي أن نسبة نمو تصل إلى 3.8% قابلة للتحقيق وراجعة بدرجة أساسية إلى الطلب الداخلي المدفوع بالزيادات التي كانت بطريقة غير مباشرة في الأجر، عن طريق الضريبة على الدخل، وكذلك راجع لمواصلة الدعم الاجتماعي والزيادات المنتظرة في أجور الموظفين ابتداء من النصف الثاني من سنة 2025، خاصة أن هناك توقعات بتراجع الطلب الخارجي نتيجة التحولات الاقتصادية والسياسية التي يعرفها العالم اليوم وخصوصا التعريفات الجمركية.
ولاحظ الخبير الاقتصادي، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، كذلك ارتفاعا مرتقبا في معدل التضخم إلى 2,2% خلال الفصل الأول من عام 2025، مقارنة بـ 0,7% في الفصل الذي سبقه، وهذا راجع بالدرجة الاساسية لارتفاع أسعار المواد الغذائية خاصة كل ما يتعلق بالخضر والفواكه واللحوم الحمراء الذي يصل إلى 120 درهم للكيلوغرام الواحد، كما توقع جدري أن يستمر في الارتفاع الأشهر القليلة المقبلة إذا أخذنا بعين الاعتبار ارتفاع الاستهلاك مع الزيادات في أجور الموظفين، ما يعني ارتفاع الطلب، لكن، استدرك الخبير قائلا: "في المجمل لا تزال حالة عدم اليقين تسود عالميا منذ جائحة كورونا، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية ثم موجة التضخم إلى القلق الأمريكي الصيني".
وأشار المحلل إلى أن تحقيق نسبة نمو تقدر بـ3.8% غير كافية بالنسبة للاقتصاد الوطني، مؤكدا أنه للوصول إلى مستويات مقبولة تسهل الحياة على المواطن المغربي، وتحدث مجموعة من فرص الشغل، لابد من تحقيق نسبة نمو تتراوح بين 5% إلى 7% ، بيد أن المغرب لا يمكنه التحكم في هذه الأمور، إلا عن طريق حل مجموعة من إشكاليات أساسية أبرزها: الماء لنقلص اعتماد اقتصادنا على الفلاحة، والطاقة لفك الارتباط مع تقلبات الأسعار الدولية، وتشجيع المبادرة الحرة والمقاولات الصغرى والمتوسطة عن طريق تحسين مناخ الأعمال، تسهيل الولوج إلى التمويل، تبسيط المساطر الإدارية ...