اقتصادكم من مكناس
في قلب العاصمة الإسماعيلية، وبين أروقة معرض يعانق المستقبل، سيطر التحول الرقمي في الفلاحة المغربية على أجواء المعرض، وحلّت التكنولوجيا ضيفًا دائمًا على الحقول والمزارع. من قطب خاص بالفلاحة الرقمية إلى سرب من العارضين الذين يقدمون حلولا تتأقلم مع مجموعة من الاشكاليات.
لم يكن "قطب الفلاحة الرقمية" في النسخة السابعة عشرة من الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس مجرد رواقٍ للعرض، بل نافذة مشرعة على عالم ذكي، تُدار فيه المياه بذكاء، وتُقاس فيه رطوبة التربة بنبض المجسات، وتُحلّل بيانات المحاصيل قبل أن تنمو.
من هناك، من ملتقى الابتكار الأخضر، رسم المغرب مع شركائه خريطة زراعية جديدة، تؤمن بأن الفدان الذكي قد يُغني عن عشرة، وأن قطرة ماء يمكن أن تروي أكثر مما مضى، إذا رافقتها خوارزميات ومعطيات دقيقة. في هذه الدورة، تحوّلت الفلاحة إلى مختبر مفتوح، فيه تُطبّق أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتُحلّق طائرات الدرون فوق السنابل، لا للتصوير، بل لتحسين الغلّة.
القطب الرقمي: ملتقى الابتكار والتكنولوجيا في خدمة الفلاحة
يُعد "القطب الرقمي" فضاءً مخصصًا لاكتشاف أحدث التطورات التكنولوجية في مجال الفلاحة، حيث يُعرض فيه مجموعة متنوعة من الحلول الرقمية المبتكرة التي تهدف إلى تحسين الإنتاجية وترشيد استهلاك الموارد، خاصة المياه. تتضمن هذه الحلول تقنيات مثل أجهزة الاستشعار الذكية، الفلاحة المتصلة، تطبيقات الهاتف المحمول المخصصة للفلاحة، والطائرات بدون طيار (الدرون) المخصصة للزراعة، وتساهم هذه التقنيات في مراقبة التربة، تحديد أوقات الري المثلى، والكشف عن التسربات في شبكات الري، مما يساعد الفلاحين على اتخاذ قرارات مدروسة تحسن من مردودهم وتقلل من استهلاك المياه.
حلول مبتكرة لترشيد استهلاك المياه
أولت الدورة السابعة عشرة اهتمامًا خاصًا بتقديم حلول تكنولوجية تهدف إلى ترشيد استهلاك المياه في الفلاحة. من بين هذه الحلول، تم عرض أنظمة الري الذكي التي تعتمد على أجهزة استشعار لقياس رطوبة التربة، مما يسمح بتحديد كمية المياه اللازمة لكل نوع من المزروعات. كما تم تقديم تقنيات الري الموضعي والطائرات بدون طيار التي تساهم في تقليل استهلاك المياه بشكل كبير مقارنة بالطرق التقليدية.
وقال أحمد الراضي، مسؤول في شركة متخصصة في المعدات الفلاحية والطاقة الشمسية، في حديث مع موقع "اقتصادكم"، إن الحلول التي تقدمها الشركة تعتمد على الطاقة الشمسية لضخ المياه، مما يقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية ويخفض التكاليف، حيث تساهم هذه الحلول في تحسين كفاءة استخدام المياه في الفلاحة.
ومن جهته، أوضح عماد السنوسي، وهو مهندس مسؤول عن مشاريع خاصة بالطاقة الشمسية والماء، في تصريح لـ"اقتصادكم"، أن التركيز أصبح على تقديم حلول متكاملة تشمل السقي الموضعي واستخدام الطاقة الشمسية، مما يساعد الفلاحين على تقليل استهلاك المياه وتحسين إنتاجيتهم بشكل مستدام.
وبرزت في المعرض هذه السنة، تكنولوجيات حديثة لزيادة الإنتاج الفلاحي، أبرزها:
الزراعة الدقيقة (Precision Agriculture)
تعتمد الزراعة الدقيقة على استخدام تقنيات متطورة مثل أجهزة الاستشعار، الأقمار الصناعية، والطائرات بدون طيار (الدرون) لمراقبة المحاصيل عن كثب. هذه التقنيات تتيح جمع بيانات دقيقة حول حالة التربة والنباتات، مما يساعد الفلاحين على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الري، التسميد، ومكافحة الآفات، وبالتالي زيادة الإنتاجية وتقليل الفاقد.
أنظمة الري الذكي
تساهم أنظمة الري الذكي في تحسين استخدام المياه، حيث تعتمد على أجهزة استشعار لقياس رطوبة التربة وتحديد كمية المياه اللازمة لكل منطقة. هذا التوجه يساعد في تقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 60% مقارنة بالطرق التقليدية، مما يعد أمرًا بالغ الأهمية في المناطق التي تعاني من ندرة المياه.
الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة
يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الزراعية والتنبؤ بأداء المحاصيل. من خلال تحليل الصور الجوية والبيانات البيئية، يمكن تحديد المناطق التي تحتاج إلى تدخل سريع، مثل مكافحة الآفات أو تعديل ممارسات الري، مما يساهم في تحسين الإنتاجية وتقليل الخسائر.
الزراعة المائية
تُعد الزراعة المائية تقنية مبتكرة تسمح بزراعة النباتات دون الحاجة إلى التربة، باستخدام محاليل مغذية. هذه الطريقة تساهم في تقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالزراعة التقليدية، وتُعتبر مثالية للمناطق الصحراوية أو ذات الموارد المائية المحدودة.
وأثبت المغرب التزامه بتطوير حلول مبتكرة ومستدامة في مجال الفلاحة حيث يسعى المغرب، من خلال تبني التقنيات الحديثة مثل الزراعة الدقيقة، الري الذكي، والذكاء الاصطناعي، إلى تعزيز إنتاجيته الفلاحية وضمان استدامة موارده الطبيعية.
