اقتصادكم
صادق مجلس الحكومة، الخميس، على مشروع المرسوم رقم 2.25.342 يتعلق بتفعيل نظام الدعم الخاص الموجه إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، أخذا بعين الاعتبار الملاحظات المثارة بخصوصه قدمه الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية كريم زيدان. ويوجه الدعم إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة للمشاريع التي لا تفوق قيمتها الاستثمارية 50 مليون درهم.
وتشكل المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للاقتصاد المغربي، حيث تمثل أكثر من 90% من النسيج المقاولاتي الوطني وتساهم بشكل كبير في خلق مناصب الشغل ودفع التنمية الاقتصادية.
وفي ورقة أعدها الخبير الاقتصادي علي الغنبوري، وتقاسمها مع موقع "اقتصادكم"، استعرض أهمية هذه المقاولات في الاقتصاد المغربي، وسلط الضوء على مضامين المرسوم وآليات الدعم المقدمة، وتحليل التحديات والآفاق التي قد تنجم عن هذا القرار، مع تقديم رؤية شاملة حول تأثيره المحتمل على دينامية الاستثمار وريادة الأعمال في المغرب وانعكاساته على سوق الشغل.
تعد المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية في النسيج الاقتصادي المغربي، حيث تساهم بحوالي 75% من مناصب الشغل القارة المسجلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و تكون هذه المقاولات غالبا عائلية أو ناشئة، حيث تلعب دورا حيويا في تعزيز الابتكار، توفير فرص العمل، والحد من البطالة، خاصة في صفوف الشباب والفئات الهشة، كما أنها تساهم في تقليص الفوارق المجالية من خلال تواجدها في المناطق القروية والأقل تنمية، مما يجعلها أداة فعالة لتحقيق العدالة الاجتماعية والترابية، ومع ذلك، تواجه هذه المقاولات تحديات كبيرة، أبرزها صعوبة الولوج إلى التمويل، تعقيد الإجراءات الإدارية، وضعف البنية التحتية في بعض المناطق، مما جعل دعمها أولوية وطنية ضمن رؤية ميثاق الاستثمار الجديد الذي يطمح إلى رفع حصة الاستثمار الخاص إلى ثلثي الاستثمار الإجمالي بحلول 2035.
يندرج المرسوم رقم 2.25.342 ضمن الجهود الرامية إلى تفعيل ميثاق الاستثمار الجديد، حيث يشكل خطوة جوهرية لدعم المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم ثلاث منح رئيسية تهدف إلى تحفيز الاستثمار وإرساء دينامية اقتصادية مستدامة خاصة ان الحكومة قد أعلنت في وقت سابق تخصص 12 مليار درهم بشكل سنوي كغلاف مالي خاص بهذا الدعم ، ويسعى هذا المرسوم إلى تعزيز دور هذه المقاولات كمحرك أساسي للتنمية، مع التركيز على تحسين مناخ الأعمال وتسهيل الفعل المقاولاتي عبر إطار تنظيمي فعال يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، كما يعكس التزام الحكومة بتعزيز الحكامة الجهوية لمنظومة الاستثمار، مما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المتوازنة ورفع القدرة التنافسية للاقتصاد المغربي على المستويين المحلي والدولي، وفي هذا السياق، يمكن تفصيل المنح الثلاث المقدمة على النحو التالي:
وبهذا الشكل، يمثل المرسوم إطارا متكاملا يجمع بين تحفيز التشغيل، تعزيز العدالة الترابية، ودعم القطاعات الاستراتيجية، مما يعكس رؤية واضحة في جعل المقاولات الصغيرة والمتوسطة محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب.
يعد المرسوم رقم 2.25.342 خطوة محورية في مسار دعم المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، إلا أن نجاحه في تحقيق أهدافه الطموحة يواجه مجموعة من التحديات والإشكاليات التي قد تعيق تطبيقه بفعالية، فالعوائق التنظيمية، المالية، واللوجستية قد تؤثر على قدرته على تلبية تطلعات المقاولين، خاصة الشباب منهم، الذين يرون فيه أملا لإطلاق مشاريعهم أو تطويرها:
تظهر هذه التحديات والإشكاليات أن نجاح المرسوم لا يعتمد فقط على توفير الدعم المالي، بل يتطلب رؤية شاملة تتضمن تحسين الإطار التنظيمي، تعزيز الشفافية، وتوفير البنية التحتية والمواكبة اللازمة، فدون معالجة هذه العوائق، قد يظل التطبيق السليم للمرسوم بعيد المنال، مما يضعف قدرته على تحقيق التحول المقاولاتي المنشود ودعم جيل جديد من رواد الأعمال في المغرب والمساهمة في تكثيف عملية التشغيل.
وتمثل مصادقة الحكومة على مرسوم تفعيل نظام الدعم للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة خطوة هامة نحو تحقيق رؤية ميثاق الاستثمار الجديد، الذي يسعى إلى تعزيز الاستثمار الخاص ودعم التنمية المستدامة في المغرب، ورغم التحديات المرتبطة بالتنفيذ، فإن هذا القرار يحمل في طياته إمكانيات كبيرة لتحفيز النسيج المقاولاتي، خلق فرص الشغل، وتقليص الفوارق المجالية، شريطة أن يتم تطبيقه بشفافية وفعالية، حيث يبقى نجاح هذه المبادرة مرهونا بقدرة الحكومة على ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، تعزيز الحكامة الجهوية، ومواكبة المقاولين الشباب في مسارهم الريادي، ليكون هذا المرسوم جسرا حقيقيا نحو اقتصاد أكثر عدالة وتنافسية.