اقتصادكم-إيمان البدري
تشهد المملكة تحسناً ملحوظاً في توازن ميزانيتها العامة، إذ سجلت تراجعا في عجزها بنسبة 3,9% خلال السنة الماضية، مقارنة بالسنوات السابقة. هذا التحسن يمثل نقطة فارقة في مسار الاقتصاد المغربي، ويعكس الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة لتقليص هذا العجز الذي يعد أحد التحديات الرئيسية للاقتصاد الوطني.
الأسباب وراء تراجع عجز الميزانية
عزت وزارة الاقتصاد والمالية، تراجع عجز الميزانية بـ 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقابل 4.4% في العام السابق، إلى زيادة الإيرادات الضريبية.
وكشفت الوزارة، أن العجز انكمش إلى 64.4 مليار درهم خلال 2024، أي منخفضا من 75 مليار درهم في العام السابق مع نمو الإيرادات الحكومية بنسبة 15.2%، فضلا عن ما تلقته خزينة الدولة عبر برنامج العفو الضريبي في أواخر شهر دجنبر، والذي يقدر بأكثر من 6 مليارات درهم مع ضخ 125 مليار درهم في النظام البنكي.
وبدوره اعتبر محمد جدري، أن زيادة الإيرادات الضريبية ساهمت في تقليص العجز المالي، نتيجة لعدة عوامل، أبرزها تعزيز آليات تحصيل الضرائب وتحسين الامتثال الضريبي، حيث ساهم تحسين إدارة القطاع الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي في رفع العائدات، فضلا عن نمو القطاعات الحيوية مثل الفلاحة، والصناعة، والخدمات، مما ساهم في زيادة الإيرادات. كما سجلت بعض القطاعات مثل السياحة والصادرات نمواً ملحوظاً، مما أسهم في تقليص العجز المالي.
وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريح خص به موقع اقتصادكم، أن عجز الميزانية مرتبط بكل ما يتعلق بالنمو والتضخم ونسب المديونية ، فكلما وصل عجز الميزانية إلى مستويات مرتفعة حوالي 6 أو 7 ، أو 8 في المائة كما شهدتها فترة جائحة كورونا ، فستضطر الحكومة إلى اقتراض ديون كبيرة من المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الأوروبي، مما سيؤثر على الاقتصاد الوطني.
التحديات المستقبلية
رغم التحسن الملحوظ، إلا أن المغرب لا يزال يواجه عدة تحديات في استدامة هذا التراجع في العجز، منها: ارتفاع الديون العمومية، إذ يتعين على الحكومة أن تستمر في ضبط مستويات الدين العمومي، حيث أن المديونية الخارجية والداخلية قد تشكل تحدياً في المستقبل إذا لم يتم تدبيرها بحذر، إلى جانب ذلك تظل البطالة والفقر من القضايا التي تحتاج إلى المزيد من الإجراءات لتحفيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.
ودعا الخبير بهذا الخصوص الحكومة إلى التحكم في المؤشرات الماكرو اقتصادية سواء من ناحية نسب النمو الذي يجب أن تصل إلى 6 أو 7 في المائة ، فضلا عن الحفاظ على نسبة عجز الميزانية بـ 3 في المائة الموصى بها عالميا، ثم تقليص المديونية في حدود 60% أو 65 % في السنوات القادمة، لمواجهات التحديات المستقبلية التي تقتضي مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والمالية، مع التركيز على التنويع الاقتصادي وتحقيق الاستدامة المالية لمواجهة المتغيرات الاقتصادية الداخلية والخارجية.