هل حان وقت الطاقة النووية في المغرب؟

ملفات خاصة - 08-11-2024

هل حان وقت الطاقة النووية في المغرب؟

اقتصادكم - سعد مفكير

 

يتمتع المغرب بفرصة مواتية لمواصلة مساره للتحول إلى فاعل كبير في مجال الطاقة دوليا، من خلال إدماج الطاقة النووية في مزيج الطاقة الوطني، فتزامنا مع التقدم البارز الذي تحرزه المملكة في مجال الطاقات المتجددة، تحتاج هذه الأخيرة لمصادر أخرى يمكن التحكم فيها بسهولة من أجل ضمان إمدادات مستمرة من الكهرباء.

وفي وقت اختارت فيه بعض الدول الاستخدام المكثف للفحم في الطاقات المتجددة، فإن المغرب لديه إمكانية تبني المسار المعاكس، من خلال التطوير التدريجي للطاقة النووية واستكمال تحول طموح ومتماسك في مجال الطاقة، مع احترام أهدافها المناخية، وقبل كل شيء، تعزيز السيادة في مجال الطاقة التي لا تزال معرضة للخطر بشكل كبير. 

لا تزال 90% من الطاقة الأولية المستهلكة في المغرب تأتي من مصادر أحفورية مستوردة و20% منها تستخدم لإنتاج الكهرباء، وتعد الطاقات المتجددة مكونًا رئيسيًا في الاستراتيجية الطاقية المغربية، والتي تعتمد على المكامن الكبيرة لهذه الطاقات المتوفرة ببلادنا، مما سيتيح استغلالها تغطية جزء كبير من احتياجاتنا المتزايدة من الطاقة الكهربائية، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى زيادة حصة الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي إلى أكثر من 52 ٪ في أفق سنة 2030.

وفي هذا الحوار مع موقع "اقتصادكم" ، يتحدث علي بن يحيى، طالب دكتوراه في اقتصاد الطاقة بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) عن فرص إنتاج الطاقة النووية في المملكة، وإدماجها في مزيج الطاقة الوطني:

منطقيا وواقعيا، هل يمتلك المغرب القدرة على إدماج الطاقة النووية في مزيج الطاقة الوطني، ولو على مستوى منخفض؟

 

على مستوى منخفض، يمكن للمغرب، الذي لا يزال طلبه متواضعا نسبيا على الطاقة، أن يفكر بشكل واقعي في إدماج الطاقة النووية بشكل تدريجي في نسيج الطاقة من خلال التركيز على المفاعلات المعيارية أو النموذجية الصغيرة (SMR). وتسمح هذه التكنولوجيات، التي تعتبر أكثر مرونة وتكيفا مع الاحتياجات المحلية مقارنة بمحطات الطاقة النووية التقليدية الكبيرة، بالتنفيذ التدريجي والأكثر أمانا، مع تقليل تكاليف البنية التحتية إلى أدنى حد. كما يمكن للمملكة الاستفادة من احتياطياتها الكبيرة من اليورانيوم لدعم هذا التحول، بشرط استمرار ارتفاع سعر هذا الخام في الأسواق والوصول إلى عتبة الربحية لاستغلاله. واليوم، وحده المكتب الشريف للفوسفاط قادر على تقدير هذه العتبة. ومن هذا المنظور، يبدو الخيار النووي عبر المنشآت الصغيرة والمتوسطة واقعيا ويتماشى مع طموحات السيادة في مجال الطاقة وتنويع مزيج الطاقة المغربي وإزالة الكربون منه.

 

كيف يمكن أن يكون دمج الطاقة النووية في مزيج الطاقة الوطني مفيدًا؟ هل يمكن أن يخفف هذا من فاتورة الطاقة التي تستنزف احتياطيات العملة الصعبة؟

 

من شأن دمج الطاقة النووية في مزيج الطاقة المغربي أن يحقق العديد من المزايا الاستراتيجية، من خلال إنتاج كهرباء خالية من الكربون بتكاليف تنافسية، من شأنه أن يعزز جاذبية المغرب للشركاء الصناعيين المحليين والدوليين، وبالتالي تعزيز تنميتنا الاقتصادية بما يتماشى مع النموذج التنموي الجديد. ومن شأن الطاقة النووية أن توفر أيضاً حلاً فعالاً يمكن التحكم فيه للتعويض في الوقت الحقيقي عن انقطاع الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، دون اللجوء إلى الفحم، وبالتالي الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. 

توفر الشركات الصغيرة والمتوسطة إنتاجًا لامركزيًا للكهرباء يتوافق مع خطط الجهوية المتقدمة لدينا، وتسمح بتطبيقات محددة أخرى تتكيف مع الواقع المغربي مثل تحلية المياه. وأخيرا، وبشرط الاستغلال السليم والمربح لاحتياطياتنا من اليورانيوم، فإن تطوير القطاع النووي سيؤدي دائما إلى خفض واردات الوقود الأحفوري، والحفاظ على احتياطيات العملة الصعبة وتعزيز استقلال البلاد في مجال الطاقة.

 

ماذا يحتاج المغرب ليصبح من الدول المنتجة للطاقة النووية؟ كم من الوقت سوف يستغرق ذلك؟

 

لكي يصبح المغرب منتجا للطاقة النووية، سيتعين عليه إنشاء إطار تنظيمي صارم يتوافق مع معايير السلامة والأمن للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي يمكن للمملكة أن تفتخر بالتزامها التاريخي معها. يمكننا أن نقدر بشكل معقول أن المغرب لديه الأسس اللازمة لدمج الطاقة النووية تدريجيا، بدعم من وجود CNESTEN (المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية). وسيكون تطوير البنية التحتية المتكيفة مع المفاعلات الصغيرة الحجم، هي أسرع في النشر، أمراً ضرورياً، وكذلك تدريب اليد العاملة المتخصصة. وستسمح لنا الشراكات الدولية بالاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة، وستكون علاقاتنا الجيدة مع فرنسا وروسيا والولايات المتحدة حاسمة في هذا الصدد. يجب علينا أيضا تعبئة تمويل كبير، من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وهو ما يمثل تحديًا حقيقيًا، لأن عدم اليقين، بسبب الطبيعة غير المسبوقة لمثل هذا المشروع في بلد أفريقي، سيكون أمرًا رائعًا بالنسبة للمستثمرين. وسيتطلب القبول الاجتماعي للمشروع أيضًا التواصل الشفاف لطمأنة المواطنين بشأن سلامته وفوائده.

ورغم أن نشر المفاعلات الصغيرة والمتوسطة يستغرق وقتاً أقل من المفاعلات التقليدية، فإنه يظل من الصعب تقدير الأفق الذي سنستهلك حوله فعلياً الكهرباء من الطاقة النووية.