خبير يكشف لـ ’’اقتصادكم’’ أسرار ومزايا المنهجية الرشيقة في الإدارة (AGILE)

ملفات خاصة - 12-01-2022

خبير يكشف لـ ’’اقتصادكم’’ أسرار ومزايا المنهجية الرشيقة في الإدارة (AGILE)

جائحة كورونا فرضت على الكثير من المؤسسات الاقتصادية العبور الى أساليب المنهجية الرشيقة

نورالدين البيار 


تعتبر ’’اجايل’’ المنهجية الرشيقة (Agile) التي ذاع صيتها في السنوات الأخيرة كمفهوم جديد للإدارة يعتمد على الفعالية في الأداء بشكل سلس، من أفضل أساليب الإدارة التي تنبني فلسفتها على الأداء الإداري الذي يتميز بسرعة الاستجابة، وسرعة تعديل أسلوب العمل بصورة تتناسب مع رغبات العميل وما تتطلبه ظروف العمل وفق خبراء.

إن المنهجية الرشيقة بشكلها الحديث قد بشر بها مطورون أمريكيون في اجتماع قبل ازيد من 20 سنة بولاية اوريغون اعقبه اجتماع آخر في ولاية يوتا.

ولئن كانت هذه المنهجية قد ارتبطت أساسا بتطوير البرمجيات غير أن كثيرين أصبحوا يستخدمونها في إدارة المشاريع بشكل عام بعدما اثبتت نجاعتها.

إن جائحة كورونا فرضت على الكثير من المؤسسات الاقتصادية العبور الى أساليب المنهجية الرشيقة في الإدارة.

الغاية من الإدارة الرشيقة

تهدف الأساليب الرشيقة إلى أن تكون أكثر واقعية من الطرق التقليدية من خلال إشراك العملاء قدر الإمكان والسماح بالاستجابة الكبيرة لطلباتهم. وهي تستند إلى دورة تطوير متكررة وتزايدية وقابلة للتكيف.

عبد الكبير صاهيد، الباحث والخبير في المنهجية الرشيقة للإدارة، يعتبر أن هذا النوع من المنهجية يعتمد على طريقة قدرة المنظمة على تجديد نفسها والتكيف والاستجابة للمتغيرات بسرعة ونجاعة، والنجاح في بيئة تتسم بسرعة التغير والاضطراب والضبابية.

يؤكد صاهيد في حديث خص به ’’ اقتصادكم’’ أن الوصول لهذه الغاية يتطلب من المؤسسات أن تكون لها القدرة على رصد التغييرات في مختلف المجلات التي من الممكن أن تشكل حافزا مباشراً لتغييرٍ يؤثر على ادائها بل قد يهدد وجودها، كالتطورات في المجال التكنولوجي، والاقتصادي السياسي، والأمن السيبراني، ومتطلبات العميل كما يمكن إضافة المجال الصحي بالنظر لما تسببت فيه جائحة كورونا. وكل ما سبق سيمكن المؤسسات والشركات من التوفر على نظرة استباقية تساعدها على التنبؤ بالمتغيرات الممكن حدوثها.

ويشدد عبد الكبير صاهيد على أن الكثيرين يخلطون بين الادارة الرشيقةَ َ، Agileولإدارة اللينة والتي تستند على النهج الخالي من الهدر بإلقاء الضوء على خطوات الإنتاج التي لا تخلق قيمة. وإنشاء سير عمل مستدام بناءً على الاحتياجات الحقيقية للعميل، أي أن الهدف النهائي من المنهجية اللينة هو التحسين المستمر لإجراءات العمل والأهداف والأشخاص. بينما المنهجية المرنة تشير إلى فلسفة تقليدية حول إحداث التغيير في البنيات التحتية والكفاءة في الواقع، المرونة واللين يعتبران من بين القدرات الأخرى للإدارة الرشيقة مثل الاستجابة والسرعة.

ويؤكد الباحث ذاته، أن اعتبار المنهجية الرشيقة أو الرشاقة أكتر من مجرد إمكانيات وإجراءات بل تتعدى الأمر لتصبح ثقافة، ما أن تترسخ لدى كل مكونات المنظمة حتى تكتسب هذه الأخيرة مناعة في وجه المتغيرات الطارئة والأزمات. 
  
الإدارة الرشيقة وجائحة كورونا

كان لجائحة كورونا دور كبير في تبني المنهجية الرشيقة، لكن حتى قبل وصول كوفيد19، كانت المستجدات الاقتصادية والتكنولوجيا تجبر المنظمات بالفعل على إدارة التغيير واتخاذ القرارات بشكل أسرع من أي وقت مضى. يقول صاهيد لـ’’اقتصادكم’’.

ليضيف أنه’’ مع بداية الوباء، اشتدت الحاجة إلى العمل بشكل كبير، على اتخاد القرار بسرعة وفاعلية.’’
وتابع في هذا السياق: لم يسبق أبدًا للشركات من جميع الأحجام ان احست بمثل هذا الضغط والحاجة لتكييف نماذج أعمالها مع الاحتياجات المتغيرة والوضعية غير المسبوقة في مناخ يتسم بالاضطراب وعدم وضوح الرؤية وظهور أنماط جديدة للتشغيل، كالاشتغال والتعلم عن بعد. الأكثر من هذا لن تكون هاته الحاجة الى السرعة في اتخاد القرار مؤقتة. بل سوف تستمر الرقمنة، جنبا إلى جنب مع العولمة وقوى التغيير الأخرى، في التسارع. ’’

المنهجية الرشيقة والشركات المغربية 

وعن الشركات المغربية، يرى صاهيد أن الادارة الرشيقة بمفهومها الشامل لا تقتصر إلا على بعض الشركات المتعددة الجنسيات. أما السواد الأعظم من الشركات فقد عانت من الأزمات الطارئة والتسارع التكنولوجي والمتطلبات المتغيرة للعملاء ما تسبب في إفلاس عدد كبير منها.

ونوه الخبير ذاته ببعض المقاولات المغربية التي تعتمد في مجال البرمجة على المنهجيات الرشيقة كالسكروم Scrumوالكانبان Kanban، وتوفر بعض الشركات على الإمكانيات من أسس الادارة الرشيقة كالاستجابة والمرونة والسرعة، والتي سمحت لها بالتكيف مع الجائحة بل استغلالها كفرصة لتبني أنشطة أخرى على سبيل المثال لا الحصر الشركات التي حولت نشاطها الصناعي لصناعة الكمامات ومواد التعقيم كذلك ظهور شركات جديدة مختصة في التوصيل والتجارة الإلكترونية.

الدولة والإدارة الرشيقة 

وعن تعامل الدولة مع الجائحة اعتبر صاهيد في حديثه مع اقتصادكم أن المغرب كدولة برهن على رشاقة في التعامل مع أزمة كورونا، نالت استحسان العديد من الفاعلين خاصةً منظمة الصحة العالمية، بل أصبح يُستشهد بالمغرب اليوم كمثال على خفة حركته، باعتماده نهجًا استباقيًا منذ بداية تفشي فيروس كوفيد -19وقبل كل شيء، ثباته في صنع القرار وإشراك السكان، من خلال الصندوق الخاص لـ Covid-19 ووسائل الإعلام للحفاظ على ثقة الجمهور.

 في الواقع، أعطيت سلامة المغاربة الأولوية على أي اعتبار آخر، مما جعل من الممكن تسريع التعامل مع الأحداث والإشراف على رعاية المصابين.

سواء كان ذلك على المجتمع أو الاقتصاد أو البيئة. يشير الخبير في الإدارة الرشيقة إلى أن الإبداع واستخدام الابتكار الذي أظهرته الدولة ينحو هذا المنحى الخاص بسرعة الاستجابة التي تعتبر من مرتكزات الرشاقة في الادارة. 

وخلص المتحدث إلى أن هناك تسارعًا حقيقيًا نحو رقمنه جميع القطاعات بوتيرة أكثر تقدمًا مما كان متوقعًا في البداية. وسيتعين على قطاعات الاقتصاد الحيوية، وهي التعليم والصحة والبنية التحتية الأساسية والتأمين والائتمان والرقمنة والأمن، أن تأخذ زمام المبادرة وامتلاك نظرة استباقية واعتماد تنمية مستدامة وقوية لضمان استجابة سريعة وفعالة لتجاوز الأوبئة، والتعامل مع تغير المناخ والاحتراز من أي أزمة أخرى تحمل في طياتها خطراً على سلامة الفرد والمجتمع.