ندرة المياه.. جهود المغرب في ايجاد حلول بديلة لتحقيق الأمن المائي

ملفات خاصة - 06-01-2022

ندرة المياه.. جهود المغرب في ايجاد حلول بديلة لتحقيق الأمن المائي

ندرة الماء

اقتصادكم-حورية خير الله

يواجه المغرب إشكالية ندرة المياه مع ما يترتب عنها من مخاطر تمس السلم الاجتماعي والاقتصادي، ما يفرض اتخاذ تدابير استعجالية وإيجاد حلول بديلة لتحقيق الأمن المائي.

نزار بركة، وزير التجهيز والماء، قال في 23 نونبر 2021 إن "المغرب سيواجه في المستقبل ضغطا كبيرا على الإمكانيات "المائية بسبب التوسع العمراني والتطور الديمغرافي والاقتصادي والتغيرات المناخية.

وذكر بركة خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين حول السياسة المائية، أن "هناك إشكالية في التدبير المسؤول "للإمكانيات المائية حتى لدى المواطنين في ظل غياب وعي بأهمية الماء فيا لاستهلاك اليومي.

المسؤول الحكومي ذاته أكد اليوم الخميس 06 يناير 2022 في عرض  قدمه خلال المجلس الحكومي على أهمية الماء والدور الذي يلعبه في كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أنه يتم حالياً الانكباب على مجموعة من المشاريع تهدف إلى المحافظة على المياه الجوفية وتحسين النجاعة المائية.

ووفق إصدار سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في المغرب معنون بـ"نقطة يقظة"، "الحق في الماء والأمن المائي مهددان بسبب الاستغلال المفرط للموارد المائية" فقد تراجعت حصة الفرد المغربي من الماء، إلى أقل من 650 مترا مكعبا سنويا، مقابل 2500 عام 1960، ومن المتوقع أن تقل هذه الكمية عن 500 متر مكعب بحلول عام 2030، مسجلا أن هذا الوضع يعتبر مقلقا.

ندرة مياه وأسباب متعددة

’’ إن المغرب كباقي دول شمال أفريقيا يعاني من ندرة مياه جد حادة، وتتنوع أسبابها ما بين تعاقب سنوات الجفاف وعدم انتظام التساقطات الناتجة عن التغير المناخي الذي يشهده العالم وأيضا عن غياب حكامة جيدة في هذا النطاق فالمغرب يعرف إجهادا مائيا كبيرا."تقول أميمة خليل الفن رئيسة حركة الشباب من أجل المناخ، في تصريح خاص لـ"اقتصادكم’’.

وأردفت الباحثة في علوم البيئة والتنمية المستدامة "نلاحظ أيضا فرشا مائية انخفضت لأمتار كبيرة، كالفرش الموجودة بنواحي ورززات وزاكورة، إلى جانب أن الفرش المائية الغنية في هضبة أبي رقراق أو هضبة أم الربيع أصبحت كذلك تشهد تراجعا كبيرا واستنزافا في السنوات الأخيرة".

الزراعة أكبر مستنزف للثروة

وسجلت المتحدثة أن "ما يقرب 70 في المائة من مياه الفرش المائية أو المياه المنتجة عن طريق السدود تستعمل في الزراعة و20 في المائة منها في الصناعة وفقط ما يقرب 5 في المائة تذهب للاستعمال الفردي للأفراد وهذا يعني أن الزراعة تشكل أكبر مستنزف كبير لهذه الثروة ما يمكن تفسيره بغياب حكامة على المستوى الزراعي."

وأشارت الباحثة أن الأمر يرجع إلى "غياب الوعي والمواكبة لدى الفلاحين فاليوم توجد تقنيات جد حديثة على المستوى العالمي في المجال الزراعي كالسقي قطرة قطرة، إلى جانب تقنيات من شأنها أن تجنبنا استعمال المياه بطريقة كبيرة لكن للأسف لا يوجد تفعيل كافٍ لهذه التقنيات لدى معظم الفلاحين بالمغرب".

استراتيجيات تحقق الأمن المائي

على صعيد آخر "اقتنع المغرب في السنوات الأخيرة أننا نعيش مشكلة ندرة المياه، لذى أصبح التوجه مصوَّبا نحو تبني استراتيجيات تحقق الأمن المائي، من بينها الاستراتيجية الوطنية للماء التي تبناها الملك محمد السادس وهي استراتيجية تهدف لعقلنة وترشيد استعمال المياه في جميع المجالات سواء الصناعية أو الفلاحية أو الاستعمالات الفردية، وأيضا ربط المناطق النائية بالماء الصالح للشرب." تضيف الفن.

وتستطرد قائلة "إلا أن عدم انتظام التساقطات المطرية وكذا الاستغلال المفرط في القطاع الفلاحي وعدم تعميم تجميع مياه الأمطار وعدم إمكانية استعمال المياه العادمة شكلت ضغطا على الموارد المائية التقليدية".

جهود غير كافية وحاجة لتفعيل آني

"الجهود المبذولة في مواجهة ندرة الماء غير كافية فاليوم ليس لنا خيار للتفكير في تكييف السياسات البيئية الهادفة لتحقيق الامن المائي أو في تبنيها أو العكس بل يجب تظافر الجهود لأن الفرش المائية إن تم استنزافها يلزمها سنوات طويلة لاسترجاع كمية الماء المستنزفة. ’’تضيف الفن.

وتؤكد المتحدثة لـ"اقتصادكم"، أن " المجتمع المدني يجب عليه أن يعمل على التحسيس والتوعية بطرق حديثة بخطر هذا الإشكال، ومن جانب الفاعلين السياسيين تلزمهم إرادة قوية في تفعيل الاستراتيجيات الوطنية والتسريع من وتيرتها ونهج التفعيل الآني لها وأن يكون التوجه مصوبا نحو استدامة الموارد الطبيعية."

رهان على التحلية وسعي لتعميم التجربة

وتراهن الحكومة على تطوير تحلية مياه البحر لتعبئة إمكانيات إضافية من الماء، إذ من المقرر أن يتم إطلاق مشروع لتحلية مياه البحر لفائدة مدينة الدار البيضاء لتعبئة 300 مليون متر مكعب بشراكة مع القطاع الخاص، إضافة إلى مشاريع أخرى في اشتوكة آيت باها وآسفي في أفق تعميم التجربة على الصعيد الوطني. وفق ما صرح به نزار بركة وزير التجهيز والماء بمجلس المستشارين.

ونبه بركة، إلى أن "المغرب يوجد حاليا في مرحلة تدبير ندرة الماء بسبب التطورات المناخية والجفاف، وذلك بعد مرحلة تثمين الثروة المائية ما بين الستينات والثمانينات من خلال بناء السدود الكبرى، ومرحلة مواكبة تطور الحاجيات عن طريق تحديث البنيات التحتية المائية".

أكبر محطات تحلية مياه البحر

وأعلن وزير الفلاحة والصيد البحري محمد الصديقي خلال تقديمه مشروع الميزانية الفرعية لوزارته، في لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، في شتنبر 2021 أن المغرب "سيشرع مطلع عام 2022، في استغلال محطة لتحلية المياه بمحافظة "اشتوكة آيت بها" وهي إحدى أكبر محطات تحلية مياه البحر في منطقة المتوسط وإفريقيا".

وقال الصديقي إن "محطة تحلية مياه البحر التي انطلق تشييدها قبل نحو 4 سنوات، في محافظة شتوكة آيت باها، تبلغ سعتها في مرحلة أولى 275 ألف متر مكعب في اليوم، منها 150 ألف متر مكعب موجهة للمياه الصالحة للشرب، ويمكن لمليون و600 ألف نسمة من الحصول على هذه المياه في جهة أكادير".

وأضاف "نتوقع زراعة 15 ألف هكتار بداية عام 2022، بمنطقة اشتوكة آيت بها، كما ستُستعمل مياه المحطة في تزويد السكان بالماء الصالح للشرب".

اقتصاد يستعمل موارد طبيعية دون استنزافها 

يتجه العالم اليوم إلى التنمية المستدامة التي تروم اقتصادا قادرا على استعمال موارد طبيعية دون استنزافها لأن القدرة على الحفاظ على هذه الموارد وتلبية الحاجيات من المياه سيمكننا من التنمية الاقتصادية.

رغم الجهود المبذولة في الاستثمارات وتوفر المغرب على 149 سد كبير تفوق طاقتهم الاستيعابية 19 مليار متر مكعب، وآلاف من الآبار والعيون التي تحتجز المياه الجوفية وشبكة الري الحديثة التي تغطي ما يقارب 1,5 مليون هكتار. ورغم التوجه القائم لإدارة المخاطر من خلال تحسين حماية المجتمعات المحلية والممتلكات من السيول والفيضانات واستخدام المياه في توليد الطاقة الكهرومائية إلا أن القطاع لايزال يواجه تحديات كبيرة" وفق الباحثة في البيئة والتنمية المستدامة.