الضرائب والمحافظة العقارية.. هل نجحت الرقمنة في تحسين مناخ الأعمال؟

التحليل والرأي - 24-04-2023

الضرائب والمحافظة العقارية.. هل نجحت الرقمنة في تحسين مناخ الأعمال؟

اقتصادكم

خطت مجموعة من الإدارات العمومية خطوات متقدمة في سياق تحصين معاملاتها الإدارية، ضد مظاهر الفساد، خصوصا الرشوة والابتزاز، ففطنت منذ سنوات إلى أن الحل لمواجهة مثل هذه السلوكيات، التي تكلف الاقتصاد الوطني الملايير سنويا، وتطعن في شفافية الإدارة المغربية أمام المستثمرين المغاربة والأجانب، يتمثل في تقليص مستوى وتردد التدخل البشري في المعاملات.

وبهذا الخصوص، فإطلالة بسيطة على أخر تقارير المديرية العامة للضرائب، تظهر أن عمليات الأداء والتصريح عن بعد استحوذت على نسبة 72 % من إجمالي المساطر المنجزة عبر الفنوات الرقمية خلال سنة، من خلال تسجيل 9.42 ملايين عملية أداء، و3.8 ملايين عملية تصريح عن بعد، الأمر الذي يظهر توجها نحو القطع مع الاتصال البشري بين الملزمين والإدارة، سواء عند الأداء أو التصريح، وما يرافق ذبك من شبهات الارتشاء والمساومة والابتزاز.

وذهبت الإدارة الجبائية بعيدا في ترسيخ الشفافية عن طريق الرقمنة، من خلال إقرار التعريف الضريبي الموحد، الذي كرس مساواة في التعامل مع الملزمين، من خلال استبدال هوياتهم بسلسلة مرقمة، تمكن من تتبع تصريحاتهم ومدى وفائهم بالتزاماتهم الضريبية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المراقبة عن بعد، و"المراقبة الميدانية"، التي تم تقليص اللجوء إليها، بعد تطوير خوارزميات للذكاء الاصطناعي بالأنظمة المعلوماتية للضرائب، بما أتاح ضبط ورصد عدد كبير من المتهربين دون الحاجة إلى الاتصال بهم بشكل مادي مباشر.

ولم تدخر الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية والمسح الطبوغرافي جهدا في تعميم الرقمنة بجميع معاملاتها، سواء مع المرتفقين الخواص، وكذا مع المهنيين، خصوصا الموثقين والمهندسين الطبوغرافيين، إذ انطلقت من خدمة "محافظتي" التي أتاحت لكل مواطن يمتلك رسم عقاري لدى الوكالة، إمكانية التتبع بالمجان لأي تقييدات تطال رسمه، ما وفر الاطمئنان والإحساس بالأمان للمرتفقين، خصوصا بعد تنامي ظاهرة الاستيلاء على عقارت الغير.

هذه الخدمة وفرت على المرتفق عناء التنقل إلى وكالات المحافظة العقارية، وما يرافق ذلك من اتصال بشري مطبوع بشبهات "الفساد"، إذ يكفي التسجيل عبر البوابة الإلكترونية، للتوصل برسالة نصية قصيرة عبر الهاتف المحمول، أو رسالة عبر البريد الإلكتروني، تخبره حول أي تقييد طال رسومه العقارية.

ولمزيد من الشفافية، أطلقت المحافظة العقارية خدمة الإشهار العقاري الرقمي، فبعد أن كان أي مرتفق ينفذ إجراءات على مسطرة التحفيظ أو التقييدات، ملزم بنشر هذه المسطرة في الجريدة الرسمية، التي لا يضطلع عليها جميع موظفي الإدارات والمهنيين، وضعت الوكالة هذه الخدمة في البوابة الرقمية، بما يتيح لكل مواطن معرفة وضع مواطن آخر طلبا لتحفيظ عقار ما، ويسمح له بالتدخل بالتعرض، أو لغاية الاستفادة من الأجل القانوني الخاص، عند طلب نظير رسم عقاري جديد، ذلك أنه طالما هذا الأجل مفتوح، فإن الإعلان سيظل موجودا بالبوابة.

وشجعت مقاربة تحسين الخدمات لفائدة الملزمين والمرتفقين من المغاربة المقيمين في الخارج، تعميم الرقمنة من أجل تحصين المعاملات، وتعزيز الشفافية، خصوصا عبر ضمان الرقمنة الكاملة للمعاملة، انطلاقا من أول تواصل مع المنصة المعلوماتية إلى غاية تسلم الوثيقة أو الاستفادة من الخدمة، والأداء الإلكتروني للرسوم أو المستحقات مقابلها.